للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعزيرِ في الظاهرِ وإنْ لم يُطالَبْ بهِ، كما يَجوزُ له أنْ يُقدِّمَ ما وجَبَ عليه مِنْ الدَّينِ المُؤجَّلِ قبلَ حُلولِه (١).

وقالَ المالِكيةُ: إذا رمَى زَوجتَه الصغيرةَ بالزِّنا بأنْ قالَ: «رَأيتُها تَزني» والحالُ أنَّ مِثلَها يُوطَأُ فإنه يُلاعِنُ دونَها وتَبقَى له زَوجةً؛ لأنه لاعَنَ لنَفيِ الحَدِّ عَنْ نفسِه، فإنْ حَملَتْ فلا يُلحَقُ به ولاعَنَتْ وفُرِّقَ بينَهُما، فإنْ نكَلَتْ حُدَّتْ حدَّ البِكرِ وبَقيَتْ زَوجةً، وإنَّما حُدَّتْ حَدَّ البِكرِ لعَدمِ الجَزمِ ببُلوغِها قبلَ الزِّنا حتى يُحصِنَها النكاحُ.

وأمَّا إذا كانَتْ لا تُوطَأُ فإنَّ زوْجَها لا حَدَّ عليه ولا لِعانَ؛ لأنَّ قذْفَه إياها لم يُلحِقْ به مَعرَّةً (٢).

الشَّرطُ الرَّابعُ: أنْ يَكونَا مُسلمَينِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في اللِّعانِ، هل يُشترطُ أنْ يَكونَ بينَ زَوجَينِ مُسلمَينِ؟ أم يَصحُّ بينَ مُسلِمٍ وكتابيَّةٍ أو بينَ غيرِ المُسلمينَ إذا تَرافَعُوا إلينا؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والإمامُ أحمَدُ في رِوايةٍ إلى أنه لا يَصحُّ اللِّعانُ إلا بينَ مُسلمينِ، لأنَّ اللِّعانَ شَهاداتٌ مُؤكَّدةٌ بالأيمانِ مَقرونةٌ باللَّعنِ وبالغَضبِ، وأنه في جانَبِ الزوجِ قائِمٌ مَقامَ حَدِّ القَذفِ، وفي جانبِها قائِمٌ مَقامَ حَدِّ الزِّنا، فكلُّ مَنْ كانَ مِنْ أهلِ الشهادةِ واليَمينِ كانَ مِنْ أهلِ اللِّعانِ، ومَن لا فَلا.


(١) «البيان» (١٠/ ٤٠٩).
(٢) «التاج والإكليل» (٣/ ١٦٧)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٣٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٤٠٧)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٣١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>