للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ المالِكيةُ وابنُ حامِدٍ من الحَنابِلةِ إلى عَدمِ اشتِراطِ النِّصابِ؛ لوُجوبِ العُشرِ في الأَموالِ التِّجاريةِ التي يَمُرُّ بها الذِّميُّ أو الحَربيُّ، فيَجبُ العُشرُ في قَليلِ الأَموالِ وكَثيرِها.

واستدَلُّوا بما رَوى أبو عُبيدٍ بسَندِه عن أَنسِ بنِ سِيرينَ قالَ: «بعَثَ إلَيَّ أنَسُ بنُ مالِكٍ، فأبطَأتُ عليه، ثم بعَثَ إلَيَّ، فأتَيتُه، فقالَ: إنْ كُنْتُ لأَرى أنِّي لو أَمرتُك أنْ تَعَضَّ على حَجرِ كذا وكذا ابتِغاءَ مَرضاتي لفعَلتَ، اختَرتُ لك عَينَ عَملي فكَرِهتَه، إنِّي أكتُبُ لك سُنةَ عُمرَ، قُلتُ: اكتُبْ لي سُنةَ عُمرَ، فكتَبَ: يُؤخذُ من المُسلِمينَ من كلِّ أربَعينَ دِرهمًا دِرهمٌ، ومِن أهلِ الذِّمةِ من كلِّ عِشرينَ دِرهمًا دِرهمٌ، وممَّن لا ذِمةَ له من كلِّ عَشرةِ دَراهمَ دِرهمٌ» (١).

كما استَدلُّوا بأنَّ العُشرَ حقٌّ على الذِّميِّ أو الحَربيِّ، فوجَبَ في قَليلِه وكَثيرِه كنَصيبِ المالِكِ في أَرضِه التي عامَلَه عليها، وبأنَّ العُشرَ الذي يُؤخذُ فَيءٌ بمَنزِلةِ الجِزيةِ التي تُؤخذُ من أهلِ الذِّمةِ (٢).

د- الفَراغُ من الدِّينِ:

اشترَط الحَنفيةُ والحَنابِلةُ لأخذِ العُشرِ من التاجِرِ الذِّميِّ ألَّا تَكونَ أموالُه مَشغولةً بدَينٍ ثبَتَ عليه؛ لأنَّه حقٌّ يُعتبَرُ له النِّصابُ والحَولُ، فيَمنعُه الدَّينُ كالزَّكاةِ.


(١) أخرَجَه البيهقي في «الكبرى» (٩/ ٢٠٩)، وأبو عبيد في «الأموال» (١/ ٦٤٠)، والإمامُ أحمدُ، كما قالَ ابنُ القَيمِ في «أحكام أهل الذمة» (١/ ١٢٨) بإِسنادٍ صَحيحٍ.
(٢) «بداية المجتهد» (١/ ٥٤٣)، و «بلغة السالك» (٢/ ٢٠٦)، و «القوانين الفقهية» (١/ ٦٧)، و «المغني» (١٢/ ٦٨٦)، «أحكام أهل الذمة» (١/ ١٣٣، ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>