للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما نِلتُما مِنْ عِرضِ أخِيكُما آنِفًا أشَدُّ مِنْ أكلٍ منه، والذي نفسِي بيَدِه إنهُ الآنَ لَفِي أنهارِ الجَنةِ يَنقمِسُ فيها» (١).

الرُّجوعُ عن الإقرارِ بالزِّنا:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ المُقِرَّ بالزنا إذا أقَرَّ ثم رجَعَ عن إقرارِه قبْلَ الحَدِّ أو في وَسطِه خُلِّيَ سَبيلُه ولا يُقامُ عليه الحَدُّ، إلا أنَّ المالِكيةَ عندَهم تَفصيلٌ.

قالَ الوَزيرُ ابنُ هُبيرةَ : واتَّفقُوا على أنه إذا أقَرَّ بالزنا ثمَّ رجَعَ عنهُ فإنه يَسقطُ الحدُّ عنه ويُقبَلُ رجوعُه، إلا مالكًا فإنه قالَ: إنْ رجَعَ عنِ الإقرارِ بشُبهةٍ يُعذَرُ بها مِثلَ أنْ يَقولَ: «إني وَطئْتُ في نكاحٍ فاسِدٍ، أو ظنَنْتُ أنها جارِيةٌ مُشتَركةٌ» أو في ذلكَ قُبلَ رُجوعُه كمَذهبِ الجَماعةِ.

فإما إنْ رجَعَ عن الإقرارِ بالزِّنا بغيرِ شُبهةٍ ففيهِ رِوايتانِ:

أحَدُهما: أنه يُقبَلُ رجوعُه، والأخرى: لا يُقبَلُ رُجوعُه بوَجهٍ (٢).

وقالَ الإمامُ الماوَرديُّ : إذا رجَعَ المُقِرُّ بالزنا عن إقرارِه قُبِلَ رُجوعُه وسقَطَ الحدُّ عنه، وبه قالَ أبو حَنيفةَ وأكثَرُ الفُقهاءِ، سَواءٌ وقَعَ به بعضُ الحدِّ أو لم يَقعْ.


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٤٤٢٨)، وابن حبان في «صحيحه» (٤٣٩٩).
(٢) «الإفصاح» (٢/ ٢٥٥)، ويُنظَر: «الاختيار» (٤/ ٩٨)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٣١٨)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٣٢٩)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٣١٠)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٣٣٩)، و «المهذب» (٢/ ٢٧٢)، و «النجم الوهاج» (٩/ ١٢٣)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٤٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>