الإِنسانُ إذا كانَ عندَه وَديعةٌ وماتَ فهذا لا يَخلو مِنْ صُورٍ:
الصُّورةُ الأُولى: أنْ يَموتَ وقد بيَّنَ الوَديعةَ وذكَرَ أنَّها لفُلانٍ:
اتَّفقَ العُلماءُ على أنَّ المُودَعَ إذا ماتَ وكانَ عندَه وَديعةٌ وقد بيَّنَ لوَرثتِه قبلَ مَوتِه أنَّ هذه وَديعةُ فُلانٍ أو أَوصى بها وكانَت الوَديعةُ قائِمةً بعَينِها بعدَ مَوتِه، فتَكونُ في يدِ وَرثتِه أَمانةً ويَجبُ على وَرثتِه أنْ يَردُّوها على مالِكِها؛ لأنَّها عَينُ مالِه، ومَن وجَدَ عَينَ مالِه فهو أَحقُّ به، فإنْ لمْ يَعلمْ ربُّ الوَديعةِ بمَوتِ المُودَعِ وجَبَ على وَرثتِه إِعلامُه بها، وليسَ لهم إِمساكُها قبلَ أنْ يَعلمَ ربُّها بها؛ لأنَّه لمْ يَأتمنْهم عليها، وإنما حصَلَ مالُ غيرِهم في أَيديهم بمَنزلةِ مَنْ أطارَت الرِّيحُ إلى دارِه ثَوبًا وعلِمَ به، فعليه إِعلامُ صاحِبِه به، فإنْ أخَّرَ ذلك معَ الإِمكانِ ضمِنَ، كذا هاهنا.
وإذا تعَدَّى الوَرثةُ فيها أو لمْ يَردُّوها على مالِكِها إذا طلَبَها صارَت مَضمونةً عليهم، وهذا إذا تمكَّنَ مِنْ ردِّها ولمْ يَفعلْ، وإنْ لمْ يَتمكنْ من ردِّها فلا ضَمانَ عليه.