للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلكَ في صحَّتِه أو في مَرضِه وعندَ موتِه، إذ لا نَصَّ ولا إجماعَ على المَنعِ مِنْ أحدِ هذه الوُجوهِ، كما فعَلَ رَسولُ اللهِ بأبي بَكرٍ، وكما فعَلَ أبو بَكرٍ بعُمرَ، وكما فعَلَ سُليمانُ بنُ عبدِ المَلكِ بعُمرَ بنِ عبدِ العزيزِ، وهذا هو الوَجهُ الذي نَختارُه ونَكرَهُ غيرَه؛ لِما في هذا الوجهِ مِنْ اتصالِ الإمامةِ، وانتظامِ أمرِ الإسلامِ وأهلِه، ورَفعِ ما يُتخوَّفُ مِنْ الاختلافِ والشغَبِ ممَّا يُتوقَّعُ في غيرِه مِنْ بقاءِ الأمَّةِ فوضَى، ومِن انتِشارِ الأمرِ وارتفاعِ النُّفوسِ وحُدوثِ الأطماعِ.

إنما أنكَرَ مَنْ أنكَرَ مِنْ الصحابةِ ومِن التابِعينَ بَيعةَ يَزيدَ بنِ مُعاويةَ والوليدِ وسُليمانَ لأنهُم كانوا غيرَ مَرضيِّينَ، لا لأنَّ الإمامَ عَهِدَ إليهم في حَياتِه (١).

ثانيًا: باستِخلافِ الإمامِ الذي قبْلَه:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ وعامَّةُ العُلماءِ على تَنفيذِ عَهدِ الإمامِ إذا أوصَى بالإمامةِ إلى مَنْ يَصلحُ لها، وقد نُقِلَ الإجماعُ على هذا.

قالَ الإمامُ أبو مَنصورٍ البَغداديُّ : إذا أوصَى بها الإمامُ إلى مَنْ يَصلحُ لها وجَبَتْ على الأمَّةِ إنفاذُ وصَيَّتِه، كما أوصَى بها أبو بكرٍ إلى عُمرَ، وأجمَعَتِ الصحابةُ على مُتابعتِه فيها (٢).


(١) «الفصل في الملل والنحل» (٤/ ١٢٩، ١٣١).
(٢) «أصول الدين» لأبي منصور البغدادي ص (٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>