للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الحَنابِلةُ في رِوايةٍ اختارَها ابنُ قُدامةَ وغيرُه إلى التَّفريقِ بينَ ما يُقدَرُ على مَعرفتِه فلا يَصحُّ البَراءةُ منه، وبينَ ما لا يُقدَرُ على مَعرفتِه فتَصحُّ البَراءةُ منه (١).

وعنه: لا يَصحُّ ولو جَهِلاه إلا إذا تعذَّرَ عِلمُه (٢).

الهِبةُ بشَرطِ الثَّوابِ (العِوضِ):

الأصلُ في الهِبةِ أنَّها من عُقودِ التَّبرعاتِ لا المُعاوَضاتِ، فالمَوهوبُ له لا يُعوِّضُ الواهِبَ شَيئًا عمَّا وهَبَه له.

إلا أنَّ العُلماءَ اختَلَفوا فيما لو صدَرَت الهِبةُ من الواهِبِ مُقترنةً بشَرطِ العِوضِ مُقابِلَ الشَّيءِ المَوهوبِ، كما لو قالَ الواهِبُ للمَوهوبِ: «وهَبتُك هذه الدارَ -مثلًا- على أنْ تُثيبَني أو تُعوِّضَني عنها سَيارةً -مثلًا-»، فهل يَصحُّ هذا الشَّرطُ أو لا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في الأظهَرِ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى جَوازِ هذا الشَّرطِ وصِحتِه، واستدَلُّوا على ذلك بما رُويَ عن أَبي هُريرةَ قالَ: قالَ النَّبيُّ : «الواهِبُ أحَقُّ بهِبتِه ما لم يُثَبْ منها» (٣) أي: يُعوَّضْ، جعَلَ الواهِبَ أحَقَّ بِهِبتِه ما لم يَصلْ إليه العِوضُ، وهذا نَصٌّ في البابِ.


(١) «المغني» (٥/ ٣٨٥)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٢٥٦)، و «الإنصاف» (٧/ ١٢٧، ١٢٩) ..
(٢) «الإنصاف» (٧/ ١٢٩).
(٣) رواه ابن ماجه (٢٣٨٧)، والبيهقي في «الكبرى» (١١٨٠٤)، والدارقطني (٣/ ٤٤)، والديلمي (٤/ ٤٣٥). قالَ المناوي (٦/ ٣٧١): قالَ ابن حجر: سندُه ضَعيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>