للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسألةٌ: إذا نفَى الوَلدَ باللِّعانِ ثمَّ ماتَ الولدُ فاعتَرفَ به بعدَ مَوتِه، فإنْ كانَ المَيتُ تَركَ ولدًا أو وَلدَ ولدٍ لَحقَ به، فإنْ لم يَتركْ وَلدًا ولا وَلدَ ولدٍ حُدَّ ولم يلحَقْ به، وقالَ الشافِعيُّ: يلحَقُ بهِ ويستحقُّ مِيراثَه كما لو كانَ حيًّا.

فدَليلُنا: أنَّ إقرارَه يَتضمَّنُ شَيئينِ: أحَدُهما: كَذبَه، وهو معنًى لا يُتهَمُ فيهِ، فضُربَ الحَدَّ، والآخَرُ: استِحقاقُ مِيراثِه منهُ مع انتفاءِ الحاجةِ إلى الإقرارِ، فلمْ يُقبلْ؛ للتُّهمةِ وانتفاءِ الحاجةِ، ويُفارِقُ ذلكَ إذا كانَ هُناكَ ولدٌ للميتِ؛ لأنَّ بهِ حاجةً إلى الإقرارِ بنَسبِه (١).

حُكمُ التَّوارثِ بينَهُما:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنه لا تَوارُثَ بينَ المُلاعِنِ وبينَ الوَلدِ الذي نفَى نَسبَه باللعانِ، فإذا ماتَ المُلاعنُ فلا يَرثُه الوَلدُ المَنفيُّ بلا خِلافٍ بينَ الفُقهاءَ، وكذلكَ الوَلدُ المَنفيُّ باللعانِ إذا ماتَ وعندَه مالٌ لا يَرثُه المُلاعنُ الذي نَفاهُ بلا خِلافٍ، وكذا لا يَرثُه عَصَبتُه، وتَرثُه أمُّه عِنْدَ عامةِ الفُقهاءِ.

قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : الرجلُ إذا لاعَنَ امرأتَه ونَفى وَلدَها وفَرَّقَ الحاكمُ بينَهُما انتفَى وَلدُها عنه وانقَطعَ تَعصيبُه مِنْ جِهةِ المُلاعِنِ فلمْ يَرثْه هوَ ولا أحَدٌ مِنْ عَصباتِه، وتَرثُ أمُّه وذَوُو الفُروضِ منُه فُروضَهم، ويَنقطعُ التَّوارثُ بينَ الزَّوجينِ، لا نَعلمُ بينَ أهلِ العِلمِ في هذهِ الجُملةِ خِلافًا (٢).


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٥٢٥)، رقم (١٣٥٤، ١٣٥٥).
(٢) «المغني» (٦/ ٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>