للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرطُ الرَّابعُ: الحُريةُ:

اتفَقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأَربعةِ على أنَّه يُشترطُ في القاضِي أنْ يَكونَ حُرًّا فلا تَصحُّ وِلايةُ الرَّقيقِ؛ لأنَّه ناقصٌ عن وِلايةِ نَفسِه فعن وِلايةِ غيرِه أَولى.

قالَ الإِمامُ ابنُ رُشدٍ : «وأمَّا اشتِراطُ الحُريةِ فلا خِلافَ فيه» (١).

وقالَ أَبو الوَليدِ الباجيُّ : «وأما اعتِبارُ حُريتِه فقد قالَ القاضِي أَبو مُحمدٍ لا خِلافَ فيه بينَ المُسلِمينَ، ووَجهُ ذلك أنَّ مَنافعَ العَبدِ مُستحقَّةٌ لسَيدِه فلا يَجوزُ أنْ يَصرفَها للنَّظرِ بينَ المُسلِمينَ، ولأنَّه ناقصُ الحُرمةِ نَقصًا يُؤثرُ في الإِمامةِ كالمَرأةِ» (٢).

الشَّرطُ الخامسُ: الذُّكوريةُ:

اختَلفَ الفُقهاءُ هل يُشترطُ في القاضِي أنْ يَكونَ ذَكرًا أم تَصحُّ وِلايةُ المَرأةُ للقَضاءِ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ الذُّكوريةَ ليسَتْ شَرطًا في جَوازِ تَقليدِ القَضاءِ في الجُملةِ؛ لأنَّ المَرأةَ مِنْ أَهلِ الشَّهادةِ في الجُملةِ، إلا أنَّها لا تَقضي في الحُدودِ والقِصاصِ فقَضاءُ المرأةِ جائزٌ في كلِّ شيءٍ إلا في الحُدودِ والقِصاصِ، اعتِبارًا بشَهادتِها؛ لأنَّ حُكمَ القَضاءِ يُستقَى مِنْ حُكمِ الشَّهادةِ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ٣٤٤)، وينظر: المصادر السابقة.
(٢) «المنتقى شرح الموطإ» (٥/ ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>