للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو عيَّنَ بالتَّفضيلِ واحِدًا مُعيَّنًا أو ولَدَه أو ما أشبَهَ هذا فهو على ما قالَ؛ لأنَّ ابتِداءَ الوَقفِ مُفوَّضٌ إليهِ، فكذلكَ تَفضيلُه وتَرتيبُه، وكذلكَ إنْ شرَطَ إخراجَ بَعضِهم بصِفةٍ ورَدَّه بصِفةٍ مِثل أنْ يَقولَ: «مَنْ تَزوَّجَ مِنهم فله ومَن فارَقَ فلا شيءَ له، أو عكْسَ ذلكَ، أو مَنْ حَفظَ القُرآنَ فله ومَن نَسِيَه فلا شيءَ له، ومَن اشتَغلَ بالعِلمِ فله ومَن ترَكَ فلا شيءَ له، أو مَنْ كانَ على مَذهبِ كذا فله ومَن خرَجَ منه فلا شيءَ له» فكلُّ هذا صَحيحٌ على ما شرَطَ، وقد رَوى هِشامُ بنُ عُروةَ «أنَّ الزُّبيرَ جعَلَ دُورَه صَدقةٌ على بَنيهِ لا تُباعُ ولا تُوهَبُ، وأنَّ للمَردودةِ مِنْ بَناتِهِ أنْ تَسكنَ غيرَ مُضرَّةٍ ولا مُضَرٍّ بها، فإنِ استَغنَتْ بزَوجٍ فلا حقَّ لها في الوَقفِ»، وليسَ هذا تَعليقًا للوَقفِ بصِفةٍ، بل الوَقفُ مُطلَقٌ والاستِحقاقُ له بصِفةٍ، وكلُّ هذا مَذهبُ الشافِعيِّ ولا نَعلمُ فيه خِلافًا (١).

٤ - تَخصيصُ المَسجدِ بأهلِ مَذهبٍ بعَينِه أو طائِفةٍ بعَينِها:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو شرَطَ الواقِفُ في المَسجدِ الذي أوقَفَه أنْ يَختصَّ به جَماعةٌ أو طائِفةٌ مُعيَّنةٌ أو أهلُ مَذهبٍ مُعيَّنٍ، هل يَختصُّ بهم أم لا؟

فذهَبَ الشافِعيةُ في الأصَحِّ وبَعضُ الحَنابلةِ إلى أنه إذا شرَطَ الواقفُ في ابتِداءِ وَقفِ المَسجدِ اختِصاصَه بطائِفةٍ كالشافِعيةِ اختَصَّ بهم؛ رِعايةً


(١) «المغني» (٥/ ٣٦٠)، و «الإنصاف» (٧/ ٥٥)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣١٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٥٥، ٣٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>