للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنابلةُ: فإنْ شَقَّ على المَريضِ القَسْمُ استَأذنَ أزواجَهُ في أنْ يكونَ عِنْدَ إحداهُنَّ، كما فعَلَ النَّبيُّ ، فعَن عائِشةَ أنَّ رَسولَ اللهِ بعَثَ إلى النِّساءِ -تَعنِي في مرَضِه- فاجتَمَعْنَ فقالَ: «إنِّي لا أستَطيعُ أنْ أدُورَ بينَكُنَّ، فإنْ رَأيتُنَّ أنْ تَأْذَنَّ لي فأكُونَ عندَ عائِشةَ فَعلْتُنَّ، فأَذِنَّ لهُ» (١).

فإنْ لم يَأذَنَّ لهُ أنْ يُقيمَ عِنْدَ إحداهُنَّ أقامَ عِنْدَ إحداهُنَّ بالقُرعةِ، أو اعتَزلَهُنَّ جَميعًا إنْ أحَبَّ ذلكَ؛ تَعديلًا بَينَهنَّ (٢).

مُدَّةُ القَسْمِ:

نصَّ الفُقهاءُ على أنَّ أقَلَّ زَمانِ القَسْمِ لَيلةٌ بكَمالِها، ويَكونُ اليومُ تَبَعًا لها، فلو أرادَ أنْ يَقسِمَ لإحدَى نِسائِه ليلةً بلا يَومٍ والأُخرى يَومًا بلا لَيلةٍ لم يَجُزْ؛ لأنَ ليلَ القَسْمِ مَقصودٍ ونَهارَه تَبَعٌ، ولا يَجوزُ بَعضُ ليلةٍ؛ لمَا فيهِ مِنْ تَشويشِ العَيشِ وعُسرِ ضَبطِ أجزاءِ اللَّيلِ (٣).

ولا خِلافَ بينَ الفُقهاءِ على أنَّ الأفضلَ أنْ يكونَ لَيلةً ليلةً؛ اقتِداءً برَسولِ اللهِ ، ولِيَقرُبَ عَهدُه بهنَّ كُلِّهنَّ، ولا خِلافَ بينَهم أنهُنَّ إذا رَضِينَ بمُدَّةٍ طويلةٍ جازَ.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢١٣٧)، وأحمد (٢٥٨٨٣).
(٢) «المغني» (٧/ ٢٣٠)، و «كشاف القناع» (٥/ ٢٢٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٣٢١)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٢٧٧).
(٣) «الحاوي الكبير» (٩/ ٥٨٢)، و «شرح صحيح مسلم» (٨/ ١٠٣)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٢١٤، ٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>