للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّكنُ الثاني: المُوصي:

المُوصي: هو المُتبَرِّعُ الذي صدَرَت منه الوَصيةُ أو هو الآمِرُ بالتَّصرفِ.

اشتَرَط الفُقهاءُ في المُوصي عِدةَ شُروطٍ، بعضُها مُتَّفقٌ عليه وبعضُها مُختلَفٌ فيه، وهي على التَّفصيلِ الآتي:

١ - العَقلُ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّه يُشتَرطُ في المُوصي أنْ يَكونَ عاقِلًا، فلا تَصحُّ وَصيةُ المَجنونِ في حالِ جُنونِه، وكذا المَعتوهُ والمُغمَى عليه؛ لأنَّ صِحةَ الوَصيةِ تَتعلَّقُ بالقَولِ، وقَولُ مَنْ هذه صِفتُه مُلغًى، والبِرسامُ والعَتهُ نَوعانِ من اختِلالِ العَقلِ كالمَجنونِ.

قالَ الإِمامُ الكاسانِيُّ: وأمَّا الذي يَرجعُ إلى المُوصي فأَنواعٌ، منها أنْ يَكونَ من أهلِ التَّبرعِ في الوَصيةِ بالمالِ وما يَتعلَّقُ به؛ لأنَّ الوَصيةَ بذلك تَبرعٌ بإِيجابِه بعدَ مَوتِه فلا بُدَّ من أَهليةِ التَّبرعِ، فلا تَصحُّ من الصَّبيِّ والمَجنونِ؛ لأنَّهما ليسا من أهلِ التَّبرعِ؛ لكَونِه من التَّصرفاتِ الضارةِ المَحضةِ؛ إذْ لا يُقابِلُه عِوضٌ دُنيويٌّ (١).

وقالَ ابنُ جُزيٍّ: المُوصي: هو كلُّ مالِكٍ حُرٍّ مُميِّزٍ، فلا تَصحُّ من المَجنونِ إلا حالَ إِفاقتِه (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٣٤).
(٢) «القوانين الفقهية» ص (٢٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>