إذا ادَّعى المُلتقَطَ اثنانِ فهذا لا يَخلو مِنْ صُورتَينِ:
الصُّورةُ الأُولى: أنْ يَدَّعيَه مُسلِمانِ:
إذا ادَّعى اللَّقيطِ اثنانِ مِنْ المُسلِمينَ وكانَ معَ أَحدِهما بَينةٌ فهو لصاحِبِ البَينةِ باتِّفاقِ المَذاهبِ الأَربعةِ.
إلا أنَّهم اختلَفوا فيما لو لمْ يَكنْ معَهما بَينةٌ أو كانَ معَهما بَينتانِ وتعارَضَتا، هل يُلحقُ بها أم يُعرضُ على القافَةِ؟
قالَ الحَنفيةُ: إنِ ادَّعاه اثنانِ ووصَفَ أَحدُهما عَلامةً في جَسدِه فهو أَولى به؛ لأنَّ العَلامةَ تَدلُّ على سَبقِ اليَدِ؛ لأنَّ الظاهِرَ أنَّ الإِنسانِ يَعرفُ عَلامةَ وَلدِه.
وإنْ لمْ يَصفْ أَحدُهما عَلامةً فهو ابنُهما لاستِوائِهما في النَّسبِ، وإنْ سبَقَت دَعوةُ أَحدِهما فهو ابنُه؛ لأنَّه ثبَتَ حَقُّه في زَمانٍ لا مُنازِعَ له فيه إلا إذا أقامَ الآخرُ البَينةَ؛ لأنَّ البَينةَ أَقوى.
وإنْ أَقاما جَميعًا البَينةَ قُضيَ به لهما، ولو كانَ المُدَّعِي أَكثرُ مِنْ اثنَينِ فعن أَبي حَنيفةَ أنَّه جوَّزَه إلى خَمسةٍ.
وقالَ أَبو يُوسفَ: يَثبتُ مِنْ اثنَينِ ولا يَثبتُ مِنْ أَكثرَ مِنْ ذلك، وعندَ مُحمَّدٍ يَثبتُ مِنْ ثَلاثةٍ ولا يَثبتُ مِنْ أَكثرَ مِنْ ذلك (١).
(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ١٩٩، ٢٠٠)، و «الهداية» (٢/ ١٧٣)، و «الاختيار» (٣/ ٣٥)، و «العناية» (٨/ ١٨٩)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٨٢)، و «اللباب» (١/ ٦٥٨)، و «مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر» (٢/ ٥٢٢).