للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - أنْ يُرَدَّ مُسلِمٌ إلى الكُفارِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ عَقدِ الصُّلحِ إنْ شُرطَ فيه رَدُّ مَنْ جاءَ مُسلمًا منهم إليهم هل يَصِحُّ هذا الشَّرطُ أو لا يَصحُّ ويَبطُلُ الشَّرطُ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ وبَعضُ المالِكيةِ -كسحنُونٍ وابنِ الماجِشونِ وابنِ حَبيبٍ وغيرِهم- إلى أنَّه لا يَصحُّ شَرطُ رَدِّ مَنْ جاءَ منهم مُسلمًا إلينا ويَبطُلُ هذا الشَّرطُ ولا يَجبُ الوَفاءُ به، وقالُوا: إنَّ قَولَ اللهِ تَعالى: ﴿فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ﴾ [الممتحنة: ١٠] هو دَليلُ النَّسخِ في حَقِّ الرِّجالِ أيضًا، إذْ لا فَرقَ بينَ النِّساءِ والرِّجالِ في ذلك، بل مَفسَدةُ رَدِّ المُسلمِ إليهم أكثَرُ، وحينَ شُرعَ ذلك كانَ في قَومٍ مَنْ أسلَمَ منهم لا يُبالِغونَ في تَعذيبِه؛ فإنَّ كلَّ قَبيلةٍ لا تَتعرَّضُ لمَن فعَلَ ذلك من قَبيلةٍ أُخرى إنَّما يَتولَّى رَدعَه عَشيرَتُه وهُم لا يُبالِغونَ فيه أكثَرَ من القَيدِ والسَّبِّ والإهانةِ، ولقد كانَ بمَكةَ بعدَ هِجرةِ النَّبيِّ جَماعةٌ من المُستضعَفينَ مِثلَ أبي بَصيرٍ وأبي جَندَلِ بنِ عَمرِو بنِ سُهَيلٍ إلى نَحوِ سَبعينَ لم يَبلُغوا فيهم النِّكايةَ لعَشائِرِهم والأمرُ الآنَ على خِلافِ ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>