٤ - والطَّهارةُ من الجُنُبِ: فلا يَصِحُّ الاعتِكافُ من الجُنُبِ؛ لأنَّه مَمنوعٌ من اللُّبثِ في المَسجدِ (١). اعتِكافُ المَرأةِ:
اتَّفَق الفُقهاءُ على صِحَّةِ اعتِكافِ المَرأةِ بالشُّروطِ المُتقدِّمةِ ويُشترَطُ لِلمُتَزوجةِ أنْ يأذنَ لها زَوجُها؛ لأنَّها لا يَنبَغي لها الاعتِكافُ إلا بإذنِه.
ثم إنَّهم اختَلَفوا فيما إذا أذِنَ الزَّوجُ لِزَوجَتِه في الاعتِكافِ التَّطوُّعِ فدخَلت فيه، هل له مَنعُها من إتمامِه أو لا؟
فقال أبو حَنفيةَ ومالِكٌ: ليس له مَنعُها لأنَّه لَمَّا أذِن لها في الاعتِكافِ فقد ترَك لها حَقَّه في الخِدمةِ والوَطءِ فلم يَكُنْ له أنْ يَرجِعَ، ولأنَّه عَقدَ على نَفسِه تَمليكَ مَنافِعَ كان يَملِكُها بحَقِّ اللهِ ﷿ فلم يَكُنْ له الرُّجوعُ فيه، ولأنَّه أذِنَ لها في التَّلبُّسِ بعَملِ قُربةٍ مَقصودةٍ، فلم يَكُنْ له فَسخُه كما لو أذِن لها في الحَجِّ فأحرَمت به.
وقال الشافِعيُّ وأحمدُ: له مَنعُها؛ لأنَّ له المَنعَ منه ابتِداءً، فكان له المَنعُ منه دَوامًا، كالعاريةِ، ويُخالِفُ الحَجَّ لأنَّه يَلزَمُ بالشُّروعِ فيه بخِلافِ الاعتِكافِ.
فأمَّا إنْ نذَرت الاعتِكافَ فأرادَ الزَّوجُ مَنعَها في الدُّخولِ فيه فإنْ كان النَّذرُ بإذنِه وكان مُعينًا لم يَملِكْ مَنعَها منه، وإنْ كان بغَيرِ إذْنِه جازَ له مَنعُها.
(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ٦)، و «رد المحتار» (٢/ ٤٨٥)، و «البحر الرائق» (٢/ ٣٢٢)، و «الشرح الصغير» (١/ ٤٦٩)، و «الشرح الكبير» (٢/ ١٨٠، ١٨١)، و «نيل المآرب» (١/ ٢٨٣)، و «نهاية المحتاج» (٢/ ٣٥٤)، و «منار السبيل» (١/ ٢٧١).