للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انقضاءِ العدَّةِ وأقامَ بيِّنةً برَجعتِه فيها بالنِّيةِ فإنه يَحلُّ لهُ إرثُها فيما بينَه وبينَ اللهِ تعالى، فإذا رُفعَ للقاضي فإنه يَمنعُه منه (١).

هل تَحصلُ الرَّجعةُ مع الهَزلِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ الرَّجعةَ تَصحُّ معَ الجِدِّ والهَزلِ، فلو قالَ لزَوجتِه: «راجَعْتُكِ» وكانَ هازِلًا صحَّتِ الرجعةُ؛ لِمَا رواهُ أبو هُريرةَ أنَّ رسولَ اللهِ قالَ: «ثَلاثٌ جِدُّهنَّ جِدٌّ وهَزلُهنَّ جِدٌّ: النكاحُ والطلاقُ والرجعةُ» (٢).

قالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : وكذا كونُ الزوجِ طائِعًا وجادًّا وعامِدًا ليسَ بشَرطٍ لجَوازِ الرجعةِ، فتَصحُّ الرجعةُ معَ الإكراهِ والهزلِ واللَّعبِ والخطَأِ؛ لأنَّ الرجعةَ استِبقاءُ النكاحِ وأنه دُونَ الإنشاءِ، ولم تُشترطْ هذه الأشياءُ للإنشاءِ؛ فلَأنْ لا تُشترطَ للاستِبقاءِ أَولى، وقَد رُويَ في بعضِ الرِّواياتِ: «ثَلاثٌ جِدُّهنَّ جِدٌّ وهَزلُهنَّ جِدٌّ: النكاحُ والرجعةُ والطلاقُ» (٣)

وقالَ المالِكيةُ في المَشهورِ مِنْ مَذهبِ «المُدوَّنة»: إنَّ القَولَ الصَّريحَ المُجردَ عن النِّيةِ يَكونُ كافِيا في صحَّةِ الرجعةِ ولو كانَ هازِلًا فيهِ -المرادُ


(١) «التاج والإكليل» (٣/ ١١٦)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٨٠، ٨١)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٣٢٨)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٢٢٥)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٥/ ٤١٧، ٤١٩).
(٢) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٢١٩٤)، والترمذي (١١٩٤)، وابن ماجه (٢٠٣٩).
(٣) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٨٦، ١٨٧)، و «النهر الفائق» (٣/ ٥٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>