للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ أبو عُمرَ ابنُ عبدِ البَرِّ : اتَّفقَ مالكٌ وأبو حَنيفةَ وأصحابُهما وسائرُ الكُوفيينَ والمَدنيُّونَ على أنه لا يُقتصُّ مِنْ جُرحٍ ولا يُبدَّى حتى يَبرأَ.

وقالَ الشافِعيُّ: يُقتصُّ منه في الحالِ ولا يُنتظرُ أنْ يَبرأَ، والاختِيارُ ما قالَه مالكٌ ومَن تابَعَه على ذلكَ، وهُم أكثَرُ أهلِ العِلمِ (١).

إذا اقتصَّ قبلَ الاندمالِ هُدِرَتْ سِرايةُ الجِنايةِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو اقتصَّ قبلَ الاندِمالِ، هل تُهدرُ سِرايةُ الجِنايةِ أم لا؟

فذهَبَ الحَنابلةُ إلى أنه إنِ اقتصَّ قبلَ الاندمالِ هُدرتْ سِرايةُ الجِنايةِ؛ للخبَرِ السابقِ؛ ولأنه استَعجلَ ما لم يَكنْ له استِعجالُه، فبطَلَ حقُّه كقاتلِ مُوروثِه (٢).

وذهَبَ الشافِعيةُ إلى أنَّ المَجنيَّ عليهِ إذا اقتَصَّ قبلَ الاندمالِ ثم سرَتِ الجِنايةُ على المَجنيِّ عليهِ إلى عُضوٍ آخَرَ واندَملَ كانَتِ السِّرايةُ مَضمونةً بالديَةِ؛ لأنَّ هذهِ جِنايةٌ مَضمونةٌ، فكانَتْ سِرايتُها مَضمونةً كما لو لم يقتَصَّ، والخبَرُ مَحمولٌ على أنه أرادَ لا حَقَّ لكَ في القِصاصِ (٣).


(١) «الاستذكار» (٨/ ٦٠).
(٢) «المغني» (٨/ ٢٦٩)، و «الإنصاف» (١٠/ ٣٠، ٣١)، و «منار السبيل» (٣/ ٢٤٥).
(٣) «الحاوي الكبير» (١٢/ ١٦٧، ١٦٨)، و «البيان» (١١/ ٤١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>