للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّكنُ الأولُ: العاقِدانِ:

وَهُمَا المُؤجِّرُ والمُستَأجِرُ، ويُشترَطُ فيهِما ما يُشترَطُ في البَيعِ مِنْ العَقلِ والبُلوغِ والرِّضا والرُّشدِ، على الخِلافِ السَّابِقِ في البَيعِ في كلِّ هَذا، لأنَّ الإجارةَ بَيعُ مَنافِعَ، ولا فَرقَ بينَ بَيعِ المَنافِعِ وبَيعِ الأعيانِ.

فالعَقلُ مُتفَقٌ عليه؛ فلا يَصحُّ إجارةُ المَجنونِ والمَعتوهِ والمُكرَهِ.

وَكَذا السَّفيهُ، على الخِلافِ السَّابِقِ في بَيعِه.

وأمَّا الصَّبيُّ المُمَيِّزُ فيَتَوَقَّفُ لُزومُ إجارَتِه لِنَفْسِه أو مالِه على إذْنِ وَلِيِّه، عندَ المالِكيَّةِ، والمَعنَى أنَّ شَرطَ صِحَّةِ عَقدِ عاقِدِ الإجارةِ التَّمييزُ، وشَرطَ لُزومِ عَقدِ عاقِدِها التَّكليفُ، كالبَيعِ (١).

وأمَّا الشافِعيَّةُ، والحَنابِلةُ فلا يَصحُّ عِندَهم إجارةُ الصَّبِيِّ المُمَيِّزِ، ولا تَصحُّ إلَّا مِنْ بالِغٍ عاقِلٍ كالبَيعِ (٢).

وقالَ الحَنفيَّةُ: البُلوغُ لَيسَ مِنْ شَرائِطِ الِانعِقادِ، ولا مِنْ شَرائِطِ النَّفاذِ، حتى إنَّ الصَّبيَّ العاقِلَ لَو أجَّرَ مالَه أو نَفْسَه؛ فإنْ كانَ مَأْذونًا يُنَفِّذُ، وإنْ كانَ مَحجورًا يَقِفُ على إجازةِ الوَليِّ.


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٣٣٥)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٣)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٤٥٦)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٨/ ٤٦٨).
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ٥)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٧٩)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٩٩)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣١٨)، و «الديباج» (٢/ ٤٥٥)، و «كنز الراغبين» (٣/ ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>