للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا إذا مات الكَفيلُ؛ فلأنَّه عجَز عن تَسليمِ المَكفولِ بنَفْسِه لا مَحالةَ.

فإنْ قيلَ: فليُؤدِّ الدَّينَ مِنْ مالِه، أُجيبَ بأنَّ مالَه لا يَصلُحُ لِإيفاء هذا الواجِبِ، وهو إحضارُ المَكفولِ به، وتَسليمُه إلى المَكفولِ له، لا أصالةً، وهو ظاهِرٌ؛ لأنَّه لَم يَلتزمِ المالَ، ولا نيابةَ، لأنَّه لا يَنوبُ عن النَّفْسِ، بخِلافِ الكَفيلِ بالمالِ؛ فإنَّ الكَفالةَ لا تَبطُلُ بمَوتِه؛ لأنَّ مالَه يَصلحُ نائِبًا، إذِ المَقصودُ إيفاءُ حَقِّ المَكفولِ له بالمالِ، ومالُ الكَفيلِ صالِحٌ لذلك، فيُؤخَذُ مِنْ تَرِكتِه، ثم يَرجعُ وَرَثتُه بذلك على المَكفولِ عنه، إذا كانت الكَفالةُ بأمرِه كما في حالةِ الحياةِ.

وإذا مات المَكفولُ له فلِلوصيِّ أنْ يُطالِبَ الكَفيلَ إنْ كان له وَصيٌّ، وإنْ لَم يَكُنْ فلِوارِثِه أنْ يَفعلَ ذلك؛ لِقيامِ كُلٍّ منهما مَقامَ الميِّتِ (١). اه.

الكَفالةُ بجُعلٍ:

مِنَ المَعلومِ في الفِقهِ الإسلاميِّ أنَّ الكَفالةَ عَقدُ تَبرُّعٍ، فلا يَجوزُ تَقاضي الأُجرةِ عليها، كالقَرضِ، وعليه؛ فإنَّ جُمهورَ أهلِ العِلمِ على عَدمِ الجَوازِ لِأخذِ العِوَضِ على الضَّمانِ (٢).

قال ابنُ المُنذِرِ : أجمَعَ مَنْ نَحفَظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ على أنَّ


(١) «العناية شرح الهداية» (٦/ ٢٨٩)، و «الهداية شرح البداية» (٣/ ٨٨).
(٢) يُنظر: «مجمع الضمانات» (٦٠٤، ٦١٠)، و «الشرح الكبير» للدردير مع «حاشية الدسوقي» (٣/ ٤٠٤)، و «الشرح الصغير» (٣/ ٢٤٢)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٧٥)، و «الفروع» لابن مفلح (٤/ ٢٠٧)، و «كشاف القناع» (٣/ ٢٦٢)، و «الفتاوى» لابن تيمية (٣٠/ ٢١٥، ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>