للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الإمامُ أحمدُ في الرِّوايةِ الثانيةِ -وهو قَولُ أبي يُوسفَ ومُحمدٍ من الحَنفيةِ- إلى أنَّه يَلزمُه الإعادةُ؛ لأنَّه عُذرٌ نادِرٌ.

وقالَ أبو الخَطابِ: لا إعادةَ عليه إنْ كانَ مُسافِرًا، وإنْ كانَ حاضِرًا فعلى رِوايَتينِ، وذلك لأنَّ الحَضَرَ مَظِنةُ القُدرةِ على تَسخينِ الماءِ ودُخولِ الحَمامِ بخِلافِ المُسافرِ (١).

وقالَ الشافِعيةُ: إنْ تَيممَ المَريضُ وهو واجِدٌ للماءِ خَوفَ التَّلفِ وصلَّى، ثم بَرئَ لم تَلزمْه الإعادةُ قَولًا واحِدًا؛ فإنْ لم يَخَفِ التَّلفَ، وخافَ زيادةَ المَرضِ أو بُطءَ البُرءِ باستِعمالِ الماءِ فهل يَجوزُ له التَّيممُ ففيه قَولانِ: أحدُهما: لا يَجوزُ إلا مع خَوفِ التَّلفِ، والثاني: يَجوزُ؛ فإنْ تَيممَ الصَّحيحُ لشِدةِ البَردِ وصلَّى وهو مُقيمٌ لزِمَته الإعادةُ قَولًا واحِدًا، وفي المُسافرِ في وُجوبِ الإعادةِ قَولانِ (٢).

ج- العاجِزُ عن استِعمالِ الماءِ:

ذهَبَ عامَّةُ الفُقهاءِ إلى أنَّ العاجِزَ الذي لا قُدرةَ له على استِعمالِ الماءِ كالمُكرهِ، والمَحبوسِ، والمَربوطِ بقُربِ الماءِ، والخائِفُ من حَيوانٍ أو إِنسانٍ في السَّفرِ والحَضرِ يَتيممُ ولا يُعيدُ؛ لأنَّه عادِمٌ للماءِ حُكمًا، وقد قالَ رَسولُ اللهِ : «إنَّ الصَّعيدَ الطَّيبَ طَهورُ المُسلمِ وإنْ لم يَجدِ


(١) «رد المحتار» (١/ ٣٩٨)، و «المغني» (١/ ٣٣٩)، و «الإفصاح» (١/ ٩٢، ٩٣)، و «كشاف القناع» (١/ ١٦٣).
(٢) «المجموع» (٣/ ٣٠٥، ٣١٢)، و «مغني المحتاج» (١/ ٩٣، ١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>