للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي لَفظٍ: «إنَّ اللَّهَ يُحدِثُ مِنْ أَمرِهِ مَا يَشَاءُ، وَإِنَّ اللهَ قَدْ أَحدَثَ أَلَّا تَكلَّمُوا في الصَّلاةِ» (١). وسَواءٌ في هذا الإمامُ والمَأمومُ والمُنفرِدُ.

ثانيًا: الكَلامُ لمَصلحَةِ الصَّلاةِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في المُصلِّي إذا تَكلَّمَ عامِدًا لمَصلحَةِ الصَّلاةِ نحوَ: أن يَشُكَّ فيَسألَ مَنْ خلفَه أو يُنَبِّهَ الإمامَ إذَا لم يَفهَم؛ هل تبطُلُ صَلاتُه بذلكَ أو لا؟

فذَهب الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ إلى أنَّ مَنْ تَكلَّمَ في صَلاتِه ولو لِمَصلحَةِ الصَّلاةِ؛ فإنَّ صَلاتَه تبطُلُ، وسَواءٌ كانَ إمامًا أو مَأمُومًا؛ وذلكَ لِلآيةِ والأحادِيثِ الوارِدةِ في النَّهيِ عن الكَلامِ في الصَّلاةِ، ولقولِه : «إذَا نَابَكُم شَيءٌ في صَلاتِكُم فَليُسبِّحِ الرِّجَالُ، وَلتُصَفِّقِ النِّسَاءُ» (٢)، فلَو كانَ الكَلامُ مُباحًا لِمَصلحَتِها لَكانَ أسهَلَ وأبيَنَ.

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : الثَّاني: أن يَتكلَمَ لِمَصلَحةِ الصَّلاةِ بأن يَقومَ الإمامُ إلى خامِسَةٍ فيَقولَ: قد صلَّيتُ أربعًا أو نحوَ ذلك؛ فمَذهبُنا ومَذهبُ جُمهورِ العُلماءِ أنَّه تبطُلُ الصَّلاةُ، وقالَ الأوزَاعِيُّ: لا تبطُلُ، وهي رِوايةٌ عن مالِكٍ وأحمدَ؛ لحَديثِ ذِي اليَدينِ، ودَليلُ الجُمهورِ: عُمومُ الأحاديثِ الصَّحيحةِ في النَّهيِ عن الكَلامِ، ولقولِه : «مَنْ نَابَه شَيءٌ في صَلاتِه فَليُسبِّحِ الرِّجَالُ، وَليُصَفِّقِ النِّسَاءُ»، ولو كانَ الكَلامُ مُباحًا لِمَصلحَتِهَا


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٩٢٤)، وابنُ حبان في «صحيحه» (٦/ ١٥).
(٢) رواه البُخاري (٦٧٦٧)، ومُسلِم (٤٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>