للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَصحُّ إقراضُ الخُبزِ في أصَحِّ الوَجهَيْنِ لِإجماعِ أهلِ الأمصارِ على فِعلِه في الأمصارِ بلا إنكارٍ.

ويُرَدُّ المِثلُ في المِثليِّ، وفي المُتقوَّمِ المِثلُ صُورةً؛ لأنَّه اقتَرَضَ بَكرًا ورَدَّ رباعيًّا وقال: «إنَّ خيارَكُمْ أحسَنُكُمْ قَضاءً»، رَواه مُسلِمٌ؛ ولأنَّه لو وَجَبتْ قيمَتُه لافتَقَر إلى العِلمِ بها (١).

وقال الحَنابِلةُ: يَصحُّ القَرضُ في كلِّ عَينٍ يَجوزُ بَيعُها مِنْ مَكيلٍ ومَوزونٍ ومَذروعٍ ومَعدودٍ وغَيرِه إلا الرَّقيقَ فَقَطْ كما سيأتي (٢).

حُكمُ قَرضِ المَنافِعِ:

اختَلَف الفُقهاءُ في حُكمِ قَرضِ المَنافِعِ مِثلَ أنْ يَحصُدَ معه إنسانٌ يَومًا ويَحصَدَ الآخَرُ معه يَومًا بَدَلَه، أو يُسكِنُه دارًا لِيُسكِنَه الآخَرُ دارًا بَدَلَها.

فذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ -وهو مُقتَضى كَلامِ الحَنفيَّةِ- إلى أنَّه لا يَصحُّ قَرضُ المَنافِعِ؛ لأنَّه غيرُ مَعهودٍ في العُرفِ والعادةِ، كما يَقولُ الحَنابِلةُ، ولأنَّه لا يَجوزُ السَّلَمُ فيها، كما يَقولُ الشافِعيَّةُ.

وذهَب شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ إلى جَوازِ قَرضِ المَنافِعِ، فقال : يَجوزُ قَرضُ المَنافِعِ -كالعاريةِ- بشَرطِ العِوَضِ، لكنَّ الغالِبَ على


(١) «روضة الطالبين» (٣/ ٢٥٣، ٢٥٥)، و «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (٥/ ٤٦٠، ٤٦١)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٠، ٣١)، و «نهاية المحتاج» (٤/ ٢٥٨، ٢٥٩)، و «الديباج» (٢/ ١٦٨، ١٦٩).
(٢) «الفروع» (٤/ ١٥١)، و «الإنصاف» (٥/ ١٢٥)، و «كشاف القناع» (٣/ ٣٦٦، ٣٦٧)، و «شرح منهى الإرادات» (٣/ ٣٢٤)، و «الروض المربع» (٢/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>