للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا المَعادِنُ الجاريةُ كالقارِ والنِّفطِ والكِبريتِ ونَحوِ ذلك فهي مُباحةٌ على كلِّ حالٍ، وهو أحَقُّ به لقَولِه : «من سبَقَ إلى ما لم يَسبِقْ إليه مُسلمٌ فهُو له» وفي رِوايةٍ: «فهُو أَحقُّ به» (١)؛ ولأنَّه لو سبَقَ إلى المُباحِ الذي لا يَملِكُ أرضَه فهو أحَقُّ به، فهنا أَولى، إلا أنَّه يُكرَهُ له دُخولُ مِلكِ غيرِه بغيرِ إذْنِه، وهل يَملِكُه؟ على رِوايتَينِ: أصَحُّهما: لا يَملِكُه لقَولِه : «الناسُ شُرَكاءُ في ثَلاثٍ: الماءِ، والكَلأِ، والنَّارِ» (٢)؛ ولأنَّها ليسَت من أَجزاءِ الأرضِ، فلم يَملِكْها بمِلكِ الأرضِ كالكَنزِ.

والثانية: يَملِكُها؛ لأنَّها خارِجةٌ من أرضِه، أشبَهَ المَعادِنَ الجامِدةَ والزُّروعَ (٣).

حَوَلانُ الحَولِ:

ذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والحَنابِلةُ والشافِعيُّ في أظهَرِ قَولَيْه إلى أنَّه لا يُعتبَرُ الحَولُ في زَكاةِ المَعدِنِ؛ لأنَّه مالٌ مُستَفادٌ من الأرضِ، فلا يُعتبَرُ في وُجوبِ حَقِّه حَولٌ كالزُّروعِ والثِّمارِ؛ ولأنَّ الحَولَ إنَّما يُعتبَرُ في غيرِ هذا لِتَكميلِ النَّماءِ، وهذا يَتكامَلُ نَماؤُه دُفعةً واحِدةً، فلا يُعتبَرُ له حَولٌ كالزُّروعِ، وإنَّما يَجبُ وقتَ تَناوُلِه (٤).


(١) حَديثٌ ضَعيفٌ: رواه أبو داود (٣٠٧١)، والبيهقي (٦/ ١٤٢).
(٢) حَديثٌ صَحيحٌ: رواه أبو داود (٣٤٧٧).
(٣) «المغني» (٣/ ٥٥٠، ٥٥١)، و «المبدع» (٥/ ٢٥٣)، و «كشاف القناع» (٤/ ١٨٩)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ١٨٤).
(٤) «فتح القدير» (٢/ ٢٣٤)، و «العناية» (٢/ ٢٣٣)، و «الإشراف» (١/ ١٨٤)، و «الذخيرة» (٣/ ٥٩، ٦٠)، و «المجموع» (٧/ ١٦٥)، و «المغني» (٣/ ٥٤٩)، و «الإفصاح» (١/ ٣٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>