الحِرمانُ مِنْ الوَصيةِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ في جَوازِ الوَصيةِ للقاتِلِ، هل تَجوزُ أم لا؟ وهل هُناكَ فَرقٌ بينَ القَتلِ العَمدِ والخَطأِ أم لا؟
فذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في الأظهَرِ والحَنابلةُ في رِوايةٍ إلى أنه لا يُشترطُ لصِحةِ الوَصيةِ أنْ لا يَكونَ المُوصَى له قاتِلًا للمُوصي، سَواءٌ كانَ عَمدًا أو خَطأً؛ لعُمومِ قولِه تعالَى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء: ١٢] ولم يُفرِّقْ، ولقَولِه تعالَى: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾ [البقرة: ١٨١] وإبطالُ الوَصيةِ تَبديلٌ.
ولأنه تَمليكٌ يَفتقرُ إلى القَبولِ، فلَم يَمنعِ القَتلُ منه كالبيعِ، ولأنها هِبةٌ، فالقَتلُ لا يَمنعُها اعتِبارًا بحالِ الحياةِ، ولأنه تَملُّكٌ، فصَحَّ في القاتلِ كإسقاطِ الحُقوقِ.
وأما حَديثُ: «ليسَ لقاتِلٍ وَصيةٌ» باطِلٌ مُنكَرٌ، والقياسُ على الإرثِ مُنتقِضٌ بأمِّ الولدِ إذا قتَلَتْ سيِّدَها فإنها تُعتَقُ.
قالَ ابنُ المُنذرِ ﵀: لا نَعلمُ حُجةً تَمنعُ منه (١).
(١) «الإشراف» (٤/ ٤٣١)، ويُنظَر: «الاستذكار» (٨/ ٥٨)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٥/ ١٨١)، و «الذخيرة» (٧/ ٢٨، ٢٩)، و «الحاوي الكبير» (٨/ ١٩١)، و «البيان» (٨/ ١٦٣)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٣٧١، ٣٧٢)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٢٢٩، ٢٣٠)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٧٢)، و «الشرك الكبير» (٦/ ٤٧٨)، و «الإنصاف» (٧/ ٢٣٢، ٢٣٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute