نصَّ الشافِعيةُ والحَنابلةُ على أنَّ المَعادنَ نَوعانِ: ظاهِرةٌ وباطِنةٌ.
فالظاهِرةُ: ما لا تَحتاجُ إلى مَؤونةٍ في إِخراجِها، فهذا لا يَجوزُ إِحياؤُه، وقالَ ابنُ قُدامةَ: لا أَعلمُ فيه خِلافًا.
والباطِنةُ: ما يَحتاجُ إلى مَؤونةٍ وكُلفةٍ في إِخراجِه كالذَّهبِ والفِضةِ والحَديدِ، فالصَّحيحُ عندَهم أنَّه لا يَصحُّ إِحياؤُه، وفي قولِ للمَذهبَينِ أنَّه يُملَكُ بذلك، وبَيانُه في هذا التَّفصيلِ:
قالَ الشافِعيةُ: المَعادنُ: وهي البِقاعُ التي أودَعَها اللهُ تَعالَى شيئًا مِنْ الجَواهرِ المَطلوبةِ، وهي قِسمانِ: ظاهِرةٌ وباطِنةٌ.
أولًا: المَعادنُ الظاهِرةُ: وهي التي يَبدو جَوهرُها ولا يَحتاجُ إلى الانتِفاعِ بها إلى عملٍ، وإنَّما السَّعيُ والعَملُ لتَحصيلِه، ثُم تَحصيلُه قد يَسهُلُ وقد يَكونُ فيه تَعبٌ، وذلك كالنّفطِ والكِبريتِ والياقوتِ والمِلحِ والكُحلِ وشبهِها، فهذا لا يَملكُه أحدٌ بالإِحياءِ والعِمارةِ؛ لأنَّ النَّبيَّ ﷺ قالَ:«مَنْ أَحيا أرضًا مَيتةً فهي له»(١) فعلَّقَ الملكَ بالإِحياءِ، وهذا لا يَحتاجُ إلى إِحياءٍ، ولا يَختصُّ بها أيضًا المُتحجِّرُ، وليسَ للسُّلطانِ إِقطاعُها، بل هي مُشتَركةٌ بينَ الناسِ كالمياهِ الجاريةِ والكلأِ والحَطبِ، ويَستوِي فيها المُسلِمُ والكافرُ.
(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٠٧٣)، والترمذي (١٣٧٨)، والنسائي في «الكبرى» (٥٧٦١).