للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا إنْ علَّقَ الطلاقَ بمَشيئةِ مَنْ تَصحُّ مَشيئتُه ويُتوصَّلُ إلى عِلمِها فلا خِلافَ في مَذهبِ مالكٍ أنَّ الطلاقَ يَقفُ على اختيارِ الذي علِّقَ الطلاقَ بمَشيئتِه.

وأمَّا تَعليقُ الطلاقِ بمَشيئةِ مَنْ لا مَشيئةَ له ففيهِ خِلافٌ في المَذهبِ، قيلَ: يَلزمُه الطلاقُ، وقيلَ: لا يَلزمُه، والصبيُّ والمَجنونُ داخِلانِ في هذا المعنَى، فمَن شبَّهَه بطِلاقِ الهَزلِ وكانَ الطلاقُ بالهَزلِ عندَه يَقعُ قالَ: يَقعُ هذا الطلاقُ، ومَن اعتبَرَ وُجودَ الشرطِ قالَ: لا يَقعُ؛ لأنَّ الشرطَ قد عُدِمَ ههُنا (١).

شُروطُ صِحةِ الاستِثناءِ في الطَّلاقِ:

يُشترطُ لصحَّةِ الاستثناءِ في الطلاقِ -سَواءٌ كانَ الاستِثناءُ لُغويًّا ك: «أنتِ طالقٌ ثلاثًا إلا واحِدةً»، أو شَرعيًّا ك: «أنتِ طالقٌ إنْ شاءَ اللهُ» - شُروطٌ:

الشَّرطُ الأولُ: أنْ يَكونَ الكَلامُ مُتَّصِلًا:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنه يُشترطُ في الكَلامِ أنْ يَكونَ مُتَّصلًا -أي اتَّصالُ المُستثنَى بالمُستثنَى منه- بحَيثُ يُعدَّانِ كَلامًا واحدًا عُرفًا، فإنْ فُصلَ بينَهما بكَلامٍ أو سُكوتٍ لَغَا الاستثناءُ ويَثبتُ حُكمُ الطلاقِ، فإنْ قالَ: «أنتِ طالقٌ ثلاثًا» ثمَّ سكَتَ أو تَكلَّمَ بكَلامٍ أجنَبيٍّ ثمَّ قالَ: «إلا واحدةً، أو: «أنتِ طالِقٌ» ثمَّ سكَتَ ثمَّ قالَ: «إنْ شاءَ اللهُ» وقَعَ الطلاقُ؛ لأنه إذا سكَتَ ثبَتَ


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>