إذا وهَبَ الأبُ بعضَ بَنيه ثم ماتَ فهل لباقي الأولادِ أنْ يَرجِعوا على المَوهوبِ له؟
إذا وهَبَ الأبُ بعضَ بَنيه ثم ماتَ، فهذا لا يَخلو من أحدِ أمرَينِ: إمَّا أنْ يَهبَه في صِحتِه وإمَّا أنْ يَهبَه في مَرضِ مَوتِه …
الحالةُ الأُولى: أنْ يَهبَ الأبُ بعضَ بَنيه في حالِ صِحتِه ثم يَموتَ:
اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو وهَبَ الأبُ في صِحتِه بعضَ بَنيه وحازَ الهِبةَ ثم ماتَ الأبُ ولم يُرجعْها من وَلدِه، فهل لبَقيةِ الوَرثةِ أنْ يَستردُّوها أو لا؟
فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ الأبَ إذا فاضَلَ بينَ وَلدِه في العَطايا أو خَصَّ بَعضَهم بَعطيةٍ ثم ماتَ قبلَ أنْ يَستردَّها ثبَتَ ذلك للمَوهوبِ له ولزِمَ، وليسَ لبَقيةِ الوَرثةِ الرُّجوعُ، واستدَلُّوا على ذلك بما رَواه مالِكٌ عن ابنِ شِهابٍ عن عُروةَ بنِ الزُّبيرِ عن عائِشةَ ﵂ زَوجِ النَّبيِّ ﷺ أنَّها قالَت: «إنَّ أبا بَكرٍ الصِّدِّيقَ ﵁ نحَلَها جِدادَ عِشرينَ وَسقًا من مالٍ بالغابةِ، فلمَّا حضَرَته الوَفاةُ قالَ: واللهِ يا بُنيةُ ما من الناسِ أحدٌ أحُّب إلَيَّ غنًى بَعدي منك، ولا أعزُّ علَيَّ فَقرًا بَعدي منك، وإنِّي كُنْتُ نحَلتُك من مالي جِدادَ عِشرينَ وَسقًا، فلو كُنْتِ جَددتيه واحتَزتيه كانَ لك ذلك، وإنَّما هو مالُ الوارِثِ، وإنَّما هو أَخواك وأُختاك، فاقتَسِموه على كِتابِ اللهِ. فقالَت: يا أبتِ واللهِ لو كانَ كذا وكذا لتَركتُه، إنَّما هو أَسماءُ، فمَن الأُخرى؟ قالَ: ذو بَطنٍ بِنتُ خارِجةَ