للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشَرطِ الإمامِ واجتِهادِه بخِلافِ السَّلبِ كانَ مأخوذًا من سَهمِ المَصالحِ؛ لأنَّ أصلَ الغَنيمةِ بخِلافِ السَّلبِ.

وفي قَولٍ آخَرَ لهم: يَكونُ من أصلِ الغَنيمةِ.

وفي قَولٍ ثالِثٍ: يَكونُ من أربَعةِ أَخماسِها، وهذا الخِلافُ محَلُّه إنْ نفَلَ ممَّا سيَغنَمُ في هذا القِتالِ وَفاءً بالشَّرطِ أو الوَعدِ ويُغتفَرُ الجَهلُ به للحاجةِ، فيُشترطُ الرُّبعُ أو الثُّلثُ أو غيرُهما.

حُكمُ قَولِ الإمامِ: مَنْ أخَذَ شَيئًا فهو له:

لا يَجوزُ -عندَ الشافِعيةِ في الأصَحِّ والحَنابِلةِ في قَولٍ- أنْ يَقولَ: مَنْ أخَذَ شَيئًا فهو له، ولا يَصِحُّ هذا الشَّرطُ، قالُوا: وما نُقلَ أنَّه فعَلَه لم يَثبُتْ. ولأنَّ النَّبيَّ كانَ يَقسِمُ الغَنائمَ وكذلك الخُلفاءُ بعدَه، ولأنَّ ذلك يُفضي إلى اشتِغالِهم بالنَّهبِ عن القِتالِ وظَفرِ العَدوِّ بهم، فلا يَجوزُ، ولأنَّ الاغتِنامَ سَببٌ لاستِحقاقِهم لها على سَبيلِ التَّساوي، فلا يَزولُ ذلك بقَولِ الإمامِ كسائرِ الاكتِسابِ، وأمَّا قَضيةُ بَدرٍ؛ فإنَّها مَنسوخةٌ؛ فإنَّهم اختَلفُوا فيها، فأنزَلَ اللهُ تَعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [الأنفال: ١].

ويَصِحُّ هذا الشَّرطُ عندَ أبي حَنيفةَ والشافِعيِّ وأحمدَ في رِوايةٍ عنهما، وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ: وهو الصَّحيحُ؛ لأنَّ النَّبيَّ قالَ في يَومِ بَدرٍ: «مَنْ أخَذَ شَيئًا فهو له» (١)، ولأنَّهم على هذا غَزَوا ورَضُوا به.


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه الإمام أحمد في «المسند» (١٥٣٩)، وابن أبي شيبة (٣٦٦٥١)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٤٨٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>