للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَببِ القَطعِ، هل كانَ لسَرقتِها؟ وعرَّفَها الرَّاوي بصِفتِها؛ لأنَّ المَذكورَ هو سَببُ القَطعِ كما يَقولُه الشافِعيُّ وأبو حَنيفةَ ومالكٌ، أو كانَ السَّببُ المَذكورُ هو سَببُ القَطعِ كما يَقولُه أحمَدُ ومَن وافَقَه، ونَحنُ في هذا المَقامِ لا نَنتصِرُ لمَذهبٍ مُعَينٍ ألبتَّةَ، فإنْ كانَ الصَّحيحُ قولَ الجُمهورِ اندَفعَ السُّؤالُ، وإنْ كانَ الصَّحيحُ هو القولَ الآخَرَ فمُوافَقتُه للقِياسِ والحِكمةِ والمَصلحةِ ظاهِرٌ جِدًّا؛ فإنَّ العارِيةَ مِنْ مَصالحِ بَني آدَمَ التي لا بُدَّ لهم منها ولا غِنًى لهم عنها، وهي واجِبةٌ عندَ حاجةِ المُستعيرِ وضَرورتِه إليها إمَّا بأُجرةٍ أو مَجانًا، ولا يُمكِنُ المُعيرَ كُلَّ وقتٍ أنْ يُشهِدَ على العاريةِ، ولا يُمكِنُ الاحتِرازُ بمَنعِ العاريةِ شَرعًا وعادةً وعُرفًا، ولا فرْقَ في المَعنى بينَ مَنْ توصَّلَ إلى أخذِ مَتاعِ غيرِه بالسَّرقةِ وبينَ مَنْ تَوصَّلَ إليهِ بالعاريةِ وجَحدَها، وهذا بخِلافِ جاحِدِ الوَديعةِ؛ فإنَّ صاحِبَ المَتاعِ فرَّطَ حيثُ ائتَمَنَه (١).

إذا اشتَركَ جَماعةٌ في السَّرقةِ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنه لو اشتَركَ جَماعةٌ في نَقبِ حِرزٍ وسَرَقوا وبلَغَ ما سَرقَه كلُّ واحِدٍ منهُم نِصابًا قُطعُوا جَميعًا، قالَ الماوَرديُّ : إجماعًا (٢).

وقالَ ابنُ هُبيرةَ : واتَّفقُوا على أنه لو اشتَركَ جَماعةٌ في سَرقةٍ فحصَلَ لكُلِّ واحدٍ منهُم نِصابٌ أنَّ على كُلِّ واحِدٍ منهُم القَطعُ (٣).

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختَلفُوا في مَواضعَ:


(١) «إعلام الموقعين» (٢/ ٨٠، ٨٢).
(٢) «الحاوي الكبير» (١٣/ ٢٩٧).
(٣) «الإفصاح» (٢/ ٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>