٣ - تَخصيصُ الوَقفِ على أهلِ مَذهَبٍ مُعيَّنٍ أو جِهةٍ مُعيَّنةٍ:
اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ الواقِفَ لو شرَطَ في وَقفِه أنَّ رَيعَ وَقفِه أو السَّكنَ فيه يَكونُ لأهلِ مَذهبٍ مُعيَّنٍ مِنْ المَذاهبِ الأربَعةِ مثلًا اختَصَّ بهم، ولا يُدخلُ فيه غَيرُهم، ومَن خرَجَ عنه خرَجَ مِنْ الوَقفِ والاستِحقاقِ.
قالَ الحَنفيةُ: لو عيَّنَ الواقفُ مَذهبًا مِنْ المَذاهبِ وشرَطَ أنه إنِ انتَقلَ عنه خرَجَ اعتُبِرَ شَرطُه، فلو شرَطَ في الوَقفِ أنَّ كلَّ مَنْ انتَقلَ مِنْ مَذهبِ أبي حَنيفةَ ﵀ خرَجَ مِنْ الوَقفِ فهو على ما شرَطَ، فلو خرَجَ واحِدٌ مِنهم إلى مَذهبِ الشافِعيِّ ﵀ خرَجَ مِنْ الوَقفِ، ولو ادَّعى بَعضُهم على بَعضٍ أنه انتَقلَ مِنْ مَذهبِ أبي حَنيفةَ إلى مَذهبِ الشافِعيِّ وأنكَرَ ذلكَ المُدَّعى عليه فالقَولُ في ذلكَ قَولُه، وعلى المُدَّعِي بيِّنةٌ على ذلكَ.
ولو وقَفَ على أولادِه وشرَطَ أنَّ مَنْ انتَقلَ إلى مَذهبِ المُعتزلةِ صارَ خارِجًا فانتقلَ مِنهم واحِدٌ صارَ خارِجًا، فإنِ ادَّعَى على واحِدٍ مِنهم بأنه صارَ مُعتزليًّا فالبيِّنةُ على المُدَّعِي والقَولُ للمُنكِرِ.
وكذا لو كانَ الواقفُ مِنْ المُعتزلةِ وشرَطَ أنَّ مَنْ انتَقلَ إلى مَذهبِ أهلِ السُّنةِ صارَ خارِجًا اعتُبِرَ شَرطُه، ولو شرَطَ أنَّ مَنْ انتَقلَ مِنْ مَذهبِ أهلِ السُّنةِ إلى غَيرِه فصارَ خارِجيًّا أو رَافِضيًّا خرَجَ، فلو ارتَدَّ -والعِياذُ باللهِ تعالى- عن الإسلامِ خرَجَ، المَرأةُ والرَّجلُ سواءٌ.