للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الحَنفيةُ -خِلافًا لزُفرَ- والمالِكيةُ والشافِعيةُ إلى أنه لا يَجوزُ للزوجِ السَّفرُ بمُطلَّقتِه الرجعيةِ حتى يُراجِعَها؛ لقَولِه تعالى: ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ﴾ [الطلاق: ١]، نزَلَتْ في المُعتدَّاتِ مِنْ الرجعيِّ.

ولأنها مُعتدَّةٌ، والمُعتدَّةُ مَمنوعةٌ مِنْ إنشاءِ السَّفرِ معَ زَوجِها كما تُمنَعُ مِنْ إنشاءِ السفرِ معَ المَحرَمِ، وربَّما تَنقضِي عدَّتُها في الطريقِ فتَبقَى بغَيرِ محرَمٍ ولا زَوجٍ (١).

قالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : أما المُسافَرةُ بها فقدْ قالَ زُفرُ مِنْ أصحابِنا أنه يَحلُّ له المُسافَرةُ بها قبلَ الرجعةِ، وأما على قَولِ أصحابِنا الثلاثةِ فإنما لا تَحلُّ لا لزَوالِ المِلكِ؛ بل لكَونِها مُعتدَّةً، وقد قالَ اللهُ تعالَى في المُعتدَّاتِ: ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ [الطلاق: ١]، نهَى الرِّجالَ عَنْ الإخراجِ والنِّساءَ عن الخُروجِ، فيُسقِطُ الزوجُ العدَّةَ بالرجعةِ؛ لتَزولَ الحُرمةُ ثمَّ يُسافِرُ (٢).

تَزيُّنُ المطلَّقةِ الرَّجعيةِ لزَوجِها والخَلوةُ بها:

نَصَّ فُقهاءُ الحَنفيةِ والحَنابلةِ على أنه يَجوزُ للزوجةِ المطلَّقةِ طَلاقًا رَجعيًّا أنْ تَتزيَّنَ لزَوجِها.


(١) «المبسوط» (٦/ ٣٤)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٣٨٤)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٤٨٦)، و «شرح فتح القدير» (٤/ ١٧٤، ١٧٥)، و «التاج والإكليل» (٣/ ١٢٠)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٣٣٨)، و «الحاوي الكبير» (١٠/ ٣٠٩)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٥٢٥).
(٢) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>