هذا إذا كانَتِ الوَديعةُ والدَّينُ مِنْ جِنسِ النَّفقةِ، بأنْ كانَتْ دَراهمَ أو دَنانيرَ أو طَعامًا أو ثيابًا مِنْ جنسِ كِسوتِها، فأما إذا كانَ مِنْ جِنسٍ آخَرَ فليسَ لها أنْ تَتناولَ شَيئًا مِنْ ذلكَ، وإنْ طلبَتْ مِنْ القاضي فرْضَ النَّفقةِ فيه فإنْ كانَ عَقارًا لا يَفرضُ القاضِي النَّفقةَ فيه بالإجماعِ؛ لأنه لا يُمكنُ إيجابُ النَّفقةِ فيه إلا بالبَيعِ، ولا يُباعُ العَقارُ على الغائبِ في النَّفقةِ بالاتِّفاقِ، وإنْ كانَ مَنقولًا مِنْ العُروضِ فقدْ ذكَرَ القاضي في شَرحِه مُختصرَ الطَّحاويِّ الخلافَ فيهِ فقالَ القاضي: لا يَبيعُ العُروضَ عليه في قَولِ أبي حَنيفةَ، وعندَهما له أنْ يَبيعَها عليهِ، وهي مَسألةُ الحَجرِ على الحُرِّ العاقلِ البالغِ.
وذكَرَ القُدوريُّ المَسألةَ على الاتِّفاقِ، فقالَ القاضي: إنما يَبيعُ على أصلِهما على الحاضِرِ المُمتنعِ عن قَضاءِ الدَّينِ؛ لكَونِه ظالمًا في الامتِناع دَفعًا لظُلمِه، والغائِبُ لا يُعلَمُ امتناعُه، فلا يُعلَمُ ظلمُه، فلا يُباعُ عليهِ (١).
الحالَةُ الثانيةُ: أنْ تكونَ بذَلَتْ نفْسَها له بعدَ غَيبتِه:
اختَلفَ الفُقهاءُ في الزَّوجةِ إذا غابَ عنها زَوجُها قبلَ أنْ تُسلِّمَ نفْسَها إليهِ وأرادَتْ تَسليمَ نفسِها إليهِ، هل تُفرَضُ لها النَّفقةُ أم لا؟
فقالَ الشافِعيةُ والحَنابلةُ: إذا أتَتْ حاكِمَ بَلدِها فقالَتْ: «أنا أُسلِّمُ نفسِي إليهِ، وأخلِّي بينِي وبينَه» .. فإنَّ حاكِمَ بلدِها يَكتبُ إلى حاكمِ البلدِ الذي فيه الزَّوجُ ويُعرِّفُه ذلكَ، فإذا وصَلَ الكِتابُ إلى المكتوبِ إليهِ .. استَدعَى الزوجَ