للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هِبةُ الأبِ لابنِه ورُجوعُه فيما وهَبَ له:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو وهَبَ الأبُ لابنِه ثم قبَضَها الابنُ، هل للأبِ أنْ يَرجعَ فيما وهَبَه لابنِه أو لا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ -على تَفصيلٍ سيأتي- والشافِعيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ عندَهما إلى أنَّ الأبَ إذا وهَبَ لابنِه هِبةً ثم قبَضَها الابنُ فللأبِ أنْ يَرجعَ فيها؛ لمَا رَواه طاوُسٌ عن ابنِ عُمرَ وابنِ عَباسٍ عن النَّبيِّ قالَ: «لا يَحلُّ لرَجلٍ أنْ يُعطيَ عَطيةً أو يَهبَ هِبةً فيَرجعَ فيها إلا الوالِدَ فيما يُعطي وَلدَه، ومَثَلُ الذي يُعطي العَطيةَ ثم يَرجعُ فيها كمَثَلِ الكَلبِ يَأكلُ فإذا شبِعَ قاءَ ثم عادَ في قَيئِه» (١). وهذا يَخصُّ عُمومَ قَولِ النَّبيِّ : «العائِدُ في هِبتِه كالكَلبِ يَعودُ في قَيئِه» (٢).

ولقَولِ النَّبيِّ لبَشيرٍ في هِبتِه للنُّعمانِ من بينِ وَلدِه: «فأرْجِعْه» وفي رِوايةٍ: «فاردُدْه»، فأمَرَه بالرُّجوعِ في هِبتِه، فلولا أنَّ رُجوعَه جائِزٌ لمَا أمَرَه به، ولَكانَ الأَولى لو فعَلَه أنْ يَمنعَه منه.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٥٣٩)، والترمذي (١٢٩٨)، والنسائي (٣٩٦٠)، وابن حبان في «صحيحه» (٥١٢٣)، والإمام أحمد في «مسنده» (٢١١٩).
(٢) أخرجه البخاري (٢٤٧٨، ٦٥٧٤)، ومسلم (١٦٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>