للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، كما لو اشتَرط عليه ألَّا يَشتريَ جِنسًا ما مِنَ السِّلعِ لَكانَ على شَرطِه في ذلك بإجماعٍ (١).

تَوقيتُ المُضاربةِ:

اختلَف الفُقهاءُ في المُضاربةِ هل تَصحُّ أنْ يُشترَطَ أنْ تَكونَ مُؤقَّتةً بمُدةٍ أو لا بُدَّ مِنْ عَدمِ التَّقييدِ -بعدَ اتِّفاقِهم على أنَّها إلى غَيرِ أجَلٍ جائِزةٌ-؟.

فذهَب الحَنفيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى جَوازِ أنْ تَكونَ المُضاربةُ مُؤقَّتةً بوَقتٍ، فلو قال له: خُذْ هذا المالَ مُضاربةً إلى شَهرٍ أو سَنةٍ جازتِ المُضاربةُ؛ لأنَّ المُضاربةَ تَوكيلٌ، ولأنَّ التَّوكيلَ يَحتمِلُ التَّخصيصَ بوَقتٍ دونَ وَقتٍ، ويَبطُلُ العَقدُ بمُضيِّ الوَقتِ المُحدَّدِ؛ لأنَّ الحُكمَ المُؤقَّتَ يَنتَهي بمُضيِّ الوَقتِ، ولأنَّه تَوكيلٌ فيُوَقَّتُ بما وَقَّته، والتَّوقيتُ مُفيدٌ؛ فإنَّه تَقييدٌ بالزَّمانِ، فصارَ كالتَّقييدِ بالنَّوعِ والمَكانِ (٢)؛ ولأنَّه تَصرُّفٌ يُوقَّتُ بنَوعٍ مِنَ المَتاعِ، فجازَ تَوقيتُه في الزَّمانِ، كالوَكالةِ؛ ولأنَّ لرَبِّ المالِ مَنعُه مِنَ البَيعِ والشِّراءِ في كلِّ وَقتٍ إذا رَضيَ أنْ يأخُذَ بمالِه عَرضًا؛ فإذا شرَط ذلك فقد شرَط ما هو مِنْ مُقتَضى العَقدِ، فصَحَّ، كما لو قال: إذا انقَضتِ السَّنةُ فلا تَشتَرِ شَيئًا.


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ١٨٠).
(٢) «بدائع الصانع» (٦/ ٩٩)، و «الهداية شرح البداية» (٣/ ٢٠٥)، و «الاختيار» (٣/ ٢٥)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٤٩)، و «اللباب» (١/ ٥٤٣)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ٩٠)، و «مجمع الضمانات» (٢/ ٦٥٣)، وابن عابدين (٨/ ٢٩٣)، و «الهندية» (٤/ ٢٩٨)، و «الإقناع في مسائل الإجماع» (٣/ ١٦٧٦) رقم (٣٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>