أمَّا الحَنفيةُ فقالوا: إذا أُحصِر المُحرِمُ بحَجةٍ أو عُمرةٍ، وكذا إذا كان مُحرِمًا بهما، وأرادَ التَّحلُّلَ يَجبُ عليه أنْ يَبعَثَ الهَديَ أو ثَمنَه ليَشتريَ به هَديًا فيُذبحَ عنه (١).
ثانيًا: ذَبحُ الهَديِ:
ذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ وأشهَبُ من المالِكيةِ إلى وُجوبِ ذَبحِ الهَديِ على المُحصَرِ، لِكيْ يَتحلَّلَ من إحرامِه، وأنَّه لو بعَث بثَمنِه واشتَراه، لا يَحلُّ ما لم يَذبحْ، لقولِ اللهِ تَعالى: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ [البقرة: ١٩٦]، ولأنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ لم يَحلَّ يومَ الحُدَيبيةِ، ولم يَحلِقْ رَأسَه حتى نحَر الهَديَ، فدلَّ ذلك على أنَّ مِنْ شَرطِ إحلالِ المُحصَرِ ذَبحُ هَديٍ إنْ كان عندَه.
وذهَب المالِكيةُ في المَذهبِ إلى أنَّ المُحصَرَ يَتحلَّلُ بالنِّيةِ فقط -كما سبَق- ولا يَجبُ عليه ذَبحُ الهَديِ، بل هو سُنةٌ وليس شَرطًا؛ لأنَّه تَحلُّلٌ مَأذونٌ فيه، عارٍ من التَّفريطِ وإدخالِ النَّقصِ، فلم يَجبْ به هَديٌ، أصلُ ذلك إذا أكمَل حجَّه.
ولأنَّ النَّبيَّ ﷺ حلَّ عامَ الحُدَيبيةِ عن إحصارِه بغيرِ هَديٍ؛