للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يَنوِه، بغَيرِ خِلافٍ، ذكَرَه في «الشَّرحِ»؛ لأنَّ سائِرَ الصَّرائحِ لا تَفتقِرُ إلى نيَّةٍ، فكذا صَريحُ الطَّلاقِ، سواءٌ كانَ ذلكَ جادًّا أو هازِلًا، حكاهُ ابنُ المُنذرِ إجماع مَنْ يَحفظُ عنهُ (١).

ألفاظُ الصَّريحِ:

اتَّفقَ أهلُ العِلمِ على أنَّ لفْظَ الطَّلاقِ مِنَ الألفاظِ الصَّريحةِ في الطَّلاقِ، واختَلفُوا فيما عَداهُ على تَفصيلٍ بيْنَهم، بيانُه على النَّحوِ التَّالي:

قالَ الحَنفيَّةُ: اللَّفظُ الصَّريحُ الَّذي يَقعُ بهِ الطَّلاقُ ولا يَحتاجُ إلى نيَّةٍ هو لَفظُ الطَّلاقِ أو التَّطلِيقِ، مثْلَ قَولِه: «أنتِ طالِقٌ» أو «أنتِ الطَّلاقُ» أو «طلَّقْتُكِ» أو «أنتِ مُطلَّقَةٌ» مُشدّدًا، سُمِّيَ هذا النَّوعُ صَريحًا لأنَّ الصَّريحَ في اللُّغةِ اسمٌ لِما هو ظاهِرُ المُرادِ مَكشوفُ المَعنى عِنْدَ السَّامِعِ مِنْ قَولِهم: «صرَّحَ فُلانٌ بالأمرِ» أي كشَفَهُ وأوضَحُه، وسمِّيَ البناءُ المُشرِفُ صَرحًا لظُهورِه على سائِرِ الأبنيةِ، وهذهِ الألفاظُ ظاهِرةُ المُرادِ؛ لأنَّها لا تُستعمَلُ إلَّا في الطَّلاقِ عن قَيدِ النِّكاحِ، فلا يحتاجُ فيها إلى النِّيةِ لوُقوعِ الطَّلاقِ؛ إذ النِّيةُ عمَلُها في تَعيينِ المُبهمِ ولا إبهامَ فيها.


(١) «المبدع» (٧/ ٢٦٩)، وقالَ المِرْداويُّ في «الإنصاف»: قَولُه: (فمَتى أتَى بصَريحِ الطَّلاقِ وقَعَ، نَواهُ أو لم يَنوهِ)، أمَّا إذا نَواهُ فلا نِزاعَ في الوُقوعِ.
وأمَّا إذا لم يَنوِه فالصَّحيحُ مِنَ المَذهبِ ونَصَّ عليهِ الإمامُ أحمَدُ وعليهِ الأصحابُ أنهُ يَقعُ مُطلَقًا.
وعنهُ: لا يَقعُ إلَّا بنيِّةٍ أو قَرينةِ غضَبِ أو سُؤالِها ونحوِه. «الإنصاف» (٨/ ٤٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>