للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الحَنابلةُ في قَولٍ إلى أنه يَصحُّ الوَقفُ ويُصرفُ بعدَ السَّنةِ أو المُدَّةِ مَصرِفَ مُنقطِعِ الانتِهاءِ كالفُقراءِ والمَساكينِ (١).

وكذا قالَ ابنُ مُفلحٍ في «المُبدِع»: وإذا قالَ: «وَقَفتُ داري سَنةً» لم يَصحَّ؛ لأنَّ مُقتَضى الوَقفِ التَّأبيدُ، وهذا يُنافيهِ، فلو قالَ: «وَقَفتُ هذا على ولَدِي سَنةً ثمَّ على المَساكينِ» صَحَّ، ويُحتَملُ أنْ يَصحَّ؛ لأنه مُنقطِعُ الانتِهاءِ، وقد بيَّنَّا صحَّتَه، وحينَئذٍ يُصرَفُ بعدَها -أي بعدَ السَّنةِ- مَصرِفَ المُنقطِعِ، أي: مُنقطِعِ الانتِهاءِ (٢).

وفي قَولٍ ثالثٍ للشافِعيةِ أنه يُلغَى التَّأقيتُ ويَصحُّ الوَقفُ مُؤبَّدًا، وهو قَريبٌ مِنْ قَولِ الحَنابلةِ السَّابقِ.

وفي قَولٍ رابعٍ للشافِعيةِ: أنَّ الوَقفَ الذي لا يُشترطُ فيهِ القَبولُ -وهو الوَقفُ على كالفُقراءِ والمَساجدِ والرِّباطِ- لا يَفسدُ بالتَّأقيتِ، والذي يُشترطُ فيهِ القَبولُ -كالوَقفِ على شَخصٍ أو جَماعةٍ مُعيَّنينَ- يَفسدُ به (٣).

الشَّرطُ الرابعُ: ذِكرُ مَصرِفِ الوَقفِ:

الأصلُ في الوَقفِ أنْ يَذكُرَ الواقفُ مَصرِفَ الوَقفِ، فإنْ قالَ الواقفُ: «وَقَفتُ» وسكَتَ ولم يَذكُرْ مَصرِفَه فقدِ اختَلفَ الفُقهاءُ فيهِ، هل يَصحُّ الوَقفُ ويَلزمُ؟ أم لا بُدَّ مِنْ أنْ يَذكرَ الجِهةَ التي يُصرَفُ فيها الوَقفُ؟


(١) «الشرح الكبير» (٦/ ٢٠٦)، و «المبدع» (٥/ ٣٢٨)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٠٩).
(٢) «المبدع» (٥/ ٣٢٨)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٠٩).
(٣) «النجم الوهاج» (٥/ ٤٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>