للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصبيُّ ويَرتضعُ، فهُما كالأصابعِ في الكَفِّ، وإنْ قطَعَ الثَّديينِ كُلَّهما فليسَ فيهما إلا دِيةٌ، كما لو قطَعَ الذكَرَ كلَّه، وإنْ حصَلَ مع قَطعِهما جائِفةٌ وجَبَ فيهِما ثُلثُ الدِّيةِ مع دِيتِهما، وإنْ حصَلَ جائِفتانِ وجَبتْ ديَةٌ وثُلثانِ، وإنْ ضرَبَهما فأشَلَّهما ففيهما الدِّيةُ كما لو أشَلَّ يَدَيه.

وإنْ جنَى عليهِما فأذهَبَ لبَنَهما مِنْ غيرِ أنْ يَشُلَّهما فقالَ أصحابُنا: فيهِما حُكومةٌ، وهذا قولُ أصحابِ الشافِعيِّ، ويَحتملُ أنْ تَجبَ دِيتُهما؛ لأنه ذهَبَ بنَفعِهما، فأشبَهَ ما لو أشَلَّهما، وهذا ظاهرُ قولِ مالكٍ والثوريِّ وقتادةَ، وإنْ جنَى عليهما مِنْ صَغيرةٍ ثم ولَدتْ فلَم يَنزلْ لها لَبنٌ سُئلَ أهلُ الخِبرةِ، فإنْ قالوا: «إنَّ الجِنايةَ سَببُ قَطعِ اللبَنِ» فعليهِ ما على مَنْ ذهَبَ باللبنِ بعدَ وُجودِه، وإنْ قالوا: «يَنقطعُ بغيرِ الجِنايةِ» لم يَجبْ عليهِ أرشُه؛ لأنَّ الأصلَ بَراءةُ ذمَّتِه، فلا يَجبُ فيها شيءٌ بالشكِّ، وإنْ جنَى عليهما فنقَصَ لبنُهما أو جنَى على ثَديينِ ناهِدينِ فكسَرَهما أو صارَ بهما مَرضٌ ففيهِ حُكومةٌ؛ لنَقصِه الذي نقَصَهما (١).

الدِّية في ثَديَي الرَّجلِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في ثَديَيِ الرَّجلِ وهُمَا الثَّندوتانِ، هل فيهما الدِّيةُ أم لا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ إلى


(١) «المغني» (٨/ ٣٥٨) «الهداية» (٤/ ١٨١)، و «البحر الرائق» (٨/ ٣٧٨)، و «الاختيار» (٥/ ٥٠)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٢٣٩، ٢٤٠)، و «اللباب» (٢/ ٢٥٧، ٢٥٨)، و «مجمع الأنهر» (٤/ ٣٤٦)، و «البيان» (١١/ ٥٥٣، ٥٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>