للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ والإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ ثابِتةٍ عنه كما يَقولُ ابنُ قُدامةَ إلى أنَّ الرَّجلَ إذا قبَّلَ المَرأةَ لشَهوةٍ أو لغيرِ شَهوةٍ أنَّه لا وُضوءَ عليه؛ لمَا رَواه عُروةُ عن عائِشةَ أنَّ النَّبيَّ : «قبَّلَ بعضَ نِسائِه ثم خرَجَ إلى الصَّلاةِ ولم يَتوضَّأْ» (١)؛ ولأنَّ الوُجوبَ من الشَّرعِ ولم يَرِدْ بهذا شَرعٌ ولا هو في مَعنى ما ورَدَ به الشَّرعُ (٢).

وأمَّا تَقبيلُ الرَّجلِ ابنَتَه أو أُمَّه:

فقد قالَ ابنُ المُنذرِ : أجمَعَ كلُّ مَنْ نَحفظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ على أنَّه لا وُضوءَ على الرَّجلِ إذا قبَّلَ أُمَّه أو ابنَتَه أو أُختَه إِكرامًا لهُنَّ وبِرًّا عندَ قُدومٍ من سَفرٍ، أو مَسَّ بعضُ بَدنِه بعضَ بَدنِها عندَ مُناولةِ شَيءٍ إنْ ناوَلَها إلا ما ذُكرَ مِنْ أحدِ قَولَيِ الشافِعيِّ؛ فإنَّ بعضَ المِصريِّين من أَصحابِه حَكى عنه في المَسألةِ قَولَينِ:

أحدُهما: إِيجابُ الوُضوءِ منه.

والآخَرُ: كقَولِ سائِرِ أهلِ العِلمِ، ولم أجِدْ هذه المَسألةَ في كُتبِه المِصريةِ التي قَرأناها على الرَّبيعِ، ولست أدري أيَثبُتُ ذلك عن الشافِعيِّ أم لا؛ لأنَّ الذي حَكاه لم يَذكُرْ أنَّه سمِعَه منه، ولو ثبَتَ ذلك عنه لكانَ قَولُه الذي يُوافقُ فيه المَدنِيَّ والكُوفِيَّ، وسائِرَ أهلِ العِلمِ أَولى به.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تقدم
(٢) «بدائع الصنائع» (١/ ١٣٠)، و «المغني» (١/ ٢٤٨، ٢٤٩)، و «الإفصاح» (١/ ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>