للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أحمدَ رِوايةٌ أُخرى أنَّه سهَّل في الشُّربِ في النَّافِلةِ؛ لمَا رُويَ عن ابنِ الزُّبَيرِ وسَعيدِ بنِ جُبَيرٍ، أنَّهما شربا في التَّطوُّعِ، وعن طاوُسٍ أنَّه لا بَأسَ به، وكذلك قالَ إسحاقُ؛ لأنَّه عمَلٌ يَسيرٌ، فأشبَهَ غيرَ الأكلِ، فأمَّا إن كَثُرَ فلا خِلافَ أنَّه يُفسِدُها؛ لأنَّ غيرَ الأكلِ مِنْ الأعمالِ يُفسِدُ إذا كَثُرَ؛ فالأكلُ والشُّربُ أَولَى (١).

٧ - لو أكلَ أو شرِب ناسيًا:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو أكلَ أو شرِب ناسِيًا هل تبطُلُ صَلاتُه بذلك أو لا؟

فذَهب جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ صَلاتَه لا تبطُلُ بالأكلِ ولا بالشُّربِ ناسِيًا؛ لعُمومِ قولِه : «عُفِيَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأُ وَالنِّسيَانُ» (٢). ويُشرعُ لذلك سُجودُ السَّهوِ؛ فإنَّ ما يُبطِلُ عَمدُهُ الصَّلاةَ إذا عُفِيَ عنه لِأجلِ السَّهوِ، شُرِعَ له السُّجودُ، كالزِّيادَةِ من جِنسِ الصَّلاةِ، ومَتى كَثُرَ ذلك أبطَلَ الصَّلاةَ بغيرِ خِلافٍ؛ لأنَّ الأفعالَ المَعفُوَّ عن يَسيرِها إذا كَثُرَت أبطَلَت، فهذا أَولَى (٣).


(١) «الإفصاح» (١/ ١٩٣)، و «المغني» (٢/ ٢٥٨).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقَدَّمَ.
(٣) «المجموع» (٤/ ١٠١)، و «التَّمهيد» (٢٠/ ٩٥)، و «حاشية الدُّسوقي» (١/ ٢٨٩)، و «مواهب الجليل» (٢/ ٣٦)، و «الخَرَشيُّ على خليل» (١/ ٣٣٠)، و «نهاية المحتاج» (٢/ ٥٢)، و «مُغني المحتاج» (١/ ٢٠٠)، و «المغني» (٢/ ٢٥٨)، و «كشَّاف القناع» (١/ ٣٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>