للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأماكِنُ التي تُكرَه الصَّلاةُ فيها:

وهي سَبعةٌ: المَقبَرةُ، والحَمَّامُ، والمَزبَلةُ، وقارِعةُ الطَّريقِ (١)، والمَجزرَةُ (٢)، وأَعطانُ الإبلِ (٣)، وظَهرُ بَيتِ اللهِ الحَرامِ.

وقد وردَت هذه السَّبعُ في حَديثِ ابنِ عمرَ مَرفوعًا (٤)، عن النَّبيِّ ولِبعضِ فِقَرَاتِه شَواهِدُ، منها:

١ - قولُه: «الأَرضُ كلُّهَا مَسجدٌ إلا المَقبرَةَ وَالحَمَّامَ» (٥).

٢ - قولُه: «إذَا حَضرَتِ الصَّلَاةُ وَأَنْتُمْ في مرَابِضِ الغَنَمِ فَصَلُّوا، وإذا حَضرَت وَأَنْتُمْ في أَعطَانِ الإِبِلِ فَلَا تُصَلُّوا؛ فإنَّها خُلِقَت مِنْ الشَّيَاطِينِ».

وعلَّل ذلك بقولِه: «فإنَّها خُلِقَت مِنْ الشَّيَاطِينِ» (٦): «أَلَا تَرَونَ


(١) قَارِعَةُ الطريقِ: يعني التي تَقرَعُها الأقدام، مثل: الأسواق والشَّوارع وغير ذلك قال الشِّربِينِيُّ: والعِلَّةُ في النَّهي عن الصلاةِ في قارعةِ الطريقِ هي لِشَغلِه حقَّ العامةِ ومَنعِهِم من المرور، ولِشَغلِ البالِ عن الخشوعِ فيُشغَلُ بالخَلقِ عن الحقِّ، والمُعتمَدُ أنَّ الكراهةَ في البُنيانِ دونَ البَرِّيَّةِ.
(٢) المَجزَرَة: المَوضِع الذي يَذبَحُ القصَّابونَ وشِبهُهُم فيه البَهائمَ.
(٣) أَعطانُ الإبلِ: جمع عطَن، وهي التي تُقيمُ فيها الإبل وتأوِي إليها.
(٤) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه الترمذي (٣٤٦)، وابن ماجه (٧٤٦).
(٥) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الترمذي (٣١٧)، وابن ماجه (٧٤٥).
(٦) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه التِّرمِذِيُّ (٣٤٨)، وابنُ ماجه (٧٦٨)، وأحمدُ (٥/ ٥٤)، وابن حبان في «صحيح» (١٧٠٢)، وقال ابنُ حبَّان في «صحيحه» (٤/ ٦١، ٦٠٣) بعد أن ساقَ الحديثَ: قوله : «فَإِنَّهَا خُلِقَت مِنَ الشَّيَاطِينِ». أرادَ به أنَّ معهَا الشياطينَ، وهكذا قولُه : «فليَدرَأه ما استطاعَ فإن أبى فليُقاتِله»؛ فإنه شيطانٌ. ثم قال في خبَرِ صَدَقةِ بنِ يسارٍ عن ابنِ عُمَرَ: فليُقاتِله؛ فإنَّ معه القَرينَ. ثم قال: ذكر «البيان» بأنَّ قولَه فإنها خُلِقَت من الشياطين: لفظَةٌ أطلقَهَا على المُجاوَرَة، لا على الحقيقة.
ثم ذكَر حديثَ حمزةَ بنِ عمرو الأسلَميِّ أنَّ رسولَ اللهِ قال: «على ظَهرِ كُلِّ بعيرٍ شيطانٌ، فإذا ركِبتُموها فسَمُّوا اللهَ ولا تَقصُروا عن حاجتِكُم». ثم قال: ذِكرُ خبرٍ ثانٍ يُصرِّحُ بأنَّ الزَّجرَ عن الصلاةِ في أعطانِ الإبلِ لم يكُن ذلك لأجلِ كونِ الشيطانِ فيها.
عن سعيدِ بنِ يسارٍ أنه قال: كنتُ أسيرُ مع عبد الله بنِ عُمَرَ بطريقِ مكةَ فلمَّا خشيتُ الصبحَ نزلتُ فأَوتَرتُ فقال: أليسَ لكَ في رسولِ اللهِ أُسوة؟ فقلتُ: بلى واللهِ، قال: فإنَّ رسولَ اللهِ كان يوتِر على البَعير.
قال أبو حاتِم - أي ابن حِبَّان -: لو كانَ الزَّجرُ عن الصلاةِ في أعطانِ الإبِلِ لأجلِ أنها خُلقَت من الشياطين لم يُصَلِّ على البعير إذ مُحالٌ ألا تجوزَ الصلاةُ في المواضِعِ التي قد يكونُ فيها الشيطانُ، ثم تجوزُ الصلاةُ على الشيطانِ نفسِه، بل معنى قولِه : إنها خُلقَت من الشياطينِ، أرادَ به أنَّ معها الشياطينَ على سبيلِ المُجاورةِ والقُرب. اه.

<<  <  ج: ص:  >  >>