للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّورةُ الثَّانيةُ مِنْ صُوَرِ الوَكالةِ: الوَكالةُ بالشِّراءِ:

الوَكالةُ بالشِّراءِ إمَّا أنْ تَكونَ مُطلَقةً، وإمَّا أنْ تَكونَ مُقيَّدةً، ولكلٍّ حُكمُها.

أوَّلاً: إطلاقُ الوَكالةِ بالشِّراءِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الوَكالةِ المُطلَقةِ بالشِّراءِ، كَأنْ يَقولَ المُوكِّلُ لِلوَكيلِ: اشتَرِ لي ما شِئتَ، أو ما رَأيتَ، أو أيَّ ثَوبٍ شِئتَ، أو أيَّ دارٍ شِئتَ، أو ما تَيَسَّرَ لكَ مِنْ الثِّيابِ أو الدَّوابِّ، هَلْ هي صَحيحةٌ أو لا؟

فَذهَب الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والحَنابِلةُ في قَولٍ إلى أنَّها جائِزةٌ؛ لأنَّه فوَّض الأمرَ إليه، فيَصحُّ مَع الجَهالةِ الفاحِشةِ، كالبِضاعةِ والمُضارَبةِ.

وذهَب الشَّافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ إطلاقَ الوَكالةِ بالشِّراءِ، كَأنَّ يَقولُ لِلوَكيلِ: اشتَرِ لي ما شِئتَ، لَا يَصحُّ؛ لأنَّه قَدْ يَشترِي ما لا يَقدِرُ على ثَمَنِه. وقَد تَقدَّم تَفصيلُ هذا في الوَكالةِ المُطلَقةِ والمُقيَّدةِ، أوَّلَ هذا الكِتابِ في فَصلِ أنواعِ الوَكالةِ.

العَملُ بمُراعاةِ الإطلاقِ في الوَكالةِ بالشِّراءِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو أطلَقَ المُوكِّلُ لِلوَكيلِ الشِّراءَ هَلْ يُراعِي الوَكيلُ الإطلاقَ أو يَتقيَّدُ بالعُرفِ أو غيرِه؟

قالَ الكاسانيُّ : إذا كانَ التَّوكيلُ بالشِّراءِ مُطلَقًا؛ فإنَّه يُراعِي فيه الإطلاقَ ما أمْكَنَ، إلَّا إذا قامَ دَليلُ التَّقييدِ مِنْ عُرفٍ أو غيرِه، فيَتقيَّدُ به.

<<  <  ج: ص:  >  >>