للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يكونَ بلَفظٍ، فلو نَواهُ بقَلبِه ولم يَتلفَّظْ بهِ لم يَقعْ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربعَةِ -إلَّا رِوايةً عَنْ مالِكٍ- على أنَّ الطَّلاقَ لا يَقعُ إلَّا بلَفظٍ، فلو نَوَى الطَّلاقَ بقَلبِه ولَم يَتلفَّظْ بهِ لم يَقعُ؛ لِمَا رَواهُ البُخاريُّ عَنْ قَتادةَ عَنْ زُرارةَ بنِ أَوفَى عَنْ أبي هُريرةَ عَنْ النَّبيِّ قالَ: «إنَّ اللهَ تَجاوزَ عن أُمَّتِي ما حَدَّثَتْ بهِ أنفُسَها ما لم تَعمَلْ أو تَتكَلَّمْ». قالَ قَتادةُ: إذا طلَّقَ في نَفسِه فليسَ بشيءٍ (١).

ولأنهُ تَصرُّفٌ يُزيلُ المِلكَ، فلم يَحصلْ بالنِّيةِ كالبَيعِ والهبَةِ، وإنْ نَواهُ بقَلبِه وأشارَ بأصابِعِه لَم يَقعْ أيضًا؛ لِمَا ذكَرْناهُ.

قالَ الإمامُ ابنُ المُنذِرِ : اختَلفَ أهلُ العِلمِ في الرَّجلِ يَعزِمُ على طلاقِ المَرأةِ ويُطلِّقُها في نَفسِه.

فقالَ كَثيرٌ مِنْ أهلِ العِلمِ: ليسَ بشَيءٍ، كذلكَ قالَ عطاءُ بنُ أبي رباحٍ وجابِرُ بنُ زَيدٍ وسَعيدُ بنُ جُبيرٍ وقَتادةُ، ورُوِيَ ذلكَ عَنِ القاسِمِ وسالمٍ والشَّعبيِّ والحسَنِ، وبهِ قالَ يَحيَى بنُ أبي كَثيرٍ والشَّافعيُّ وأحمَدُ وإسحاقُ، وحُكيَ ذلكَ عنِ الثَّوريِّ والنُّعمانِ.

وقالَ مُحمدُ بنُ سِيرينَ في رَجلٍ طلَّقَ امرأتَهُ في نَفسِه: أليسَ في عِلمِ اللهِ ﷿؟!


(١) رواه البخاري (٤٩٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>