فكُّ السِّحرِ يَحصلُ بأمرينِ: أحَدُهما مُتفَقٌ عليه، والآخَرُ مُختلَفٌ فيهِ.
الأمرُ الأولُ: فَكُّ السِّحرِ بالقُرآنِ والأدعِيةِ، فهذا لا خِلافَ بينَ العُلماءِ في جَوازِه.
الأمرُ الثاني: فَكُّ السِّحرِ بالسِّحرِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ فَكِّ السحرِ بالسحرِ، هل هو جائزٌ أم لا؟
فالصَّحيحُ عندَ الحَنابلةِ في المَذهبِ وغيرِهم أنه يَجوزُ فكُّ السحرِ بالسحرِ.
قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: وأما مَنْ يَحُلُّ السحرَ فإنْ كانَ بشيءٍ مِنْ القُرآنِ أو شَيءٍ مِنْ الذِّكرِ والأقسامِ والكَلامِ الذي لا بأسَ به فلا بأسَ به، وإنْ كانَ بشيءٍ مِنْ السِّحرِ فقدْ توقَّفَ أحمدُ عنه، قالَ الأثرمُ: سَمعتُ أبا عبدِ اللهِ سُئلَ عن رَجلٍ يَزعمُ أنه يَحُلُّ السحرَ، فقالَ: قد رخَّصَ فيه بَعضُ الناسِ، قيلَ لأبي عَبدِ اللهِ: إنه يَجعلُ في الطِّنجيرِ ماءً ويغيبُ فيه ويَعملُ كذا، فنفَضَ يَدَه كالمُنكِرِ وقالَ: ما أدري ما هذا، قيلَ له: فتَرَى أنْ يُؤتَى مثلُ هذا يَحُلُّ السحرَ؟ فقالَ: ما أدرِي ما هذا.
ورُويَ عن مُحمدِ بنِ سِيرينَ أنه سُئلَ عن امرأةٍ يُعذِّبُها السحَرةُ فقالَ رَجلٌ: أخُطُّ خَطًّا عليها وأغرزُ السكينَ عندَ مَجمعِ الخَطِّ وأقرأُ القُرآنَ، فقالَ مُحمدٌ: ما أعلَمُ بقراءةِ القُرآنِ بأسًا على حالٍ، ولا أدرِي ما الخَطُّ والسكِّينُ.