للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَركَتْ وانصَرفَتْ ثمَّ بَدا لها أنْ تُخاصِمَه فلها ذلك وإنْ تَقادَمَ العَهدُ؛ لأنَّ ذلك حَقُّها، وحَقُّ العَبدِ لا يَسقطُ بالتَّقادُمِ (١).

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختَلفوا في مَسألتَينِ:

المسألةُ الأُولى: إذا طلَبَتِ اللِّعانَ وامتَنعَ الزَّوجُ منهُ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيمَا لَو قذَفَ الزوجُ زَوجتَه بالزِّنا وطلَبَتِ اللِّعانَ وامتَنعَ ولم يُلاعِنْ، هل يُحَدُّ حَدَّ القَذفِ؟ أم يُحبَسُ حتى يُلاعِنَ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ الزوجَ إذا قذَفَ زَوجتَه وجَبَ عليه اللِّعانُ، وللمَرأةِ أنْ تُخاصِمَه إلى الحاكِمِ وتُطالبَه باللِّعانِ، وإذا طالَبَتْه يُجبِرُه عليه، ولو امتَنعَ يُحبَسُ؛ لامتِناعِه عنِ الواجِبِ عليه كالمُمتَنعِ مِنْ قَضاءِ الدَّينِ، فيُحبَسُ حتى يُلاعِنَ أو يُكذِّبَ نفسَه (٢).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ الزوجَ إذا قذَفَ زَوجتَه بالزِّنا وطلَبَتِ الزوجةُ اللِّعانَ وامتَنعَ أُقيمَ عليه حَدُّ القَذفِ إنْ كانَتْ مُحصَنةً، والتَّعزيرُ إنْ كانَتْ غيرَ مُحصَنةٍ، وحُكمَ بفِسقِه؛ لقَولِه تَعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ [النور: ٤] الآيَة، وهذا عامٌّ في الأزواجِ وغيرِ الأزواجِ، ولأنها حُرَّةٌ


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ٢٤٣).
(٢) «بدائع الصنائع» (٣/ ٢٣٨، ٢٣٩)، و «الهداية» (٢/ ٢٣)، و «العناية» (٦/ ٥٩)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٥٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>