للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُرتدِّينَ، وسواءٌ كانَ هذا الجاحِدُ رَجلًا أو امرأةً، هذا إذا كانَ قد نشَأَ بينَ المُسلمينَ، فأما مَنْ كانَ قَريبَ العَهدِ بالإسلامِ، أو نشَأَ بباديةٍ بَعيدةٍ مِنْ المُسلمينَ بحَيثُ يَجوزُ أنْ يَخفى عليه وُجوبُها فلا يَكفرُ بمُجرَّدِ الجَحدِ، بل نُعرِّفُه وُجوبَها، فإنْ جحَدَ بعدَ ذلك كانَ مُرتدًّا (١).

ثانيًا: أنْ يَتركَها وهو مُعتقِدُ لِوُجوبِها:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ تاركِ الصلاةِ إذا ترَكَها وهو مُعتقِدٌ لوُجوبِها، هل يَكفرُ بذلكَ ويُقتلُ قتْلَ ردَّةٍ؟ أم لا يَكفرُ لكنَّه يُقتلُ حَدًّا؟ أم لا يَكفرُ ولا يُقتلُ أصلًا، وإنَّما يُحبَسُ ويُضرَبُ؟

القولُ الأولُ: وهو قَولُ الحَنابلةِ في المَذهبِ وهو اختيارُ ابنِ تَيميةَ وابنِ القيِّمِ وبَعضِ الشافِعيةِ: أنَّ تارِكَ الصلاةِ تَكاسلًا وتَهاونًا يَدعوهُ الإمامُ أو نائبُه لفِعلِها؛ لاحتِمالِ أنْ يكونَ قد ترَكَها لعُذرٍ يَعتقدُ سُقوطَها به كمَرضٍ ونَحوِه، ويُهدِّدُه فيَقولُ له: إنْ صَّليتَ وإلا قتَلْناكَ، فإنْ أبَى أنْ يُصليَها حتى تَضايقَ وَقتُ التي بعدَها وجَبَ قتلُه، ولا يُقتلُ حتى يُستتابَ ثلاثةَ أيامٍ كسائرِ المُرتدِّينَ، فإنْ تابَ مِنْ تَركِ الصلاةِ بفِعلِها خُلِّيَ سَبيلُه، وإنْ لم يَتبْ بفِعلِ الصلاةِ قُتلَ بضَربِ عُنقِه بالسَّيفِ؛ لكُفرِه كالمُرتدِّ، فلا يُغسَّلُ ولا يُكفَّنُ ولا يُدفنُ بينَ المُسلِمينَ ولا يَرثُه أحدٌ ولا يَرثُ أحَدًا (٢).


(١) «المَجموع» (٣/ ١٥).
(٢) «المغني» (٣/ ١٨٠، ١٨٤)، و «كشاف القناع» (١/ ٢٦٧، ٢٦٩)، و «مطالب أولي النهى» (١/ ٢٨٢)، و «المَجموع» (٣/ ١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>