للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكمُ انتِزاعِ مِلكيَّةِ الوَقفِ للمَصلحةِ العامَّةِ:

المَصلحةُ العامَّةُ: هي المَنفعةُ التي يَنتفعُ بها عامَّةُ الناسِ وتَسُدُّ حاجَتَهم في مَجالٍ مُعيَّنٍ، كإقامةِ المَساجدِ والمَقابرِ والطُّرقِ والآبارِ ونَحوِ ذلكَ.

فإذا احتاجَ الناسُ أخْذَ وَقفٍ ما وتَحويلَه عن كَونِه وَقفًا في المَجالِ الذي أرادَهُ الواقفُ إلى مَجالٍ مِنْ مَجالاتِ الانتفاعِ العامِّ، كأنْ يَحتاجَ الناسُ إلى تَوسِعةِ مَسجدٍ أو تَوسِعةِ طَريقٍ أو مَقبرةٍ، ويَكونُ ذلكَ على حِسابِ وَقفٍ لجِهةٍ مُعيَّنةٍ أو لأفرادٍ، فيُضطَرُ إمامُ المُسلِمينَ إلى انتِزاعِ مِلكيةِ هذا الوَقفِ بثَمنِه، ومِن ثَمَّ يَدخلُ هذا الوَقفُ في المَسجدِ أو في تَوسِعةِ الطَّريقِ أو المَقبرةِ أو نَحوِ ذلكَ.

والأصلُ أنه لا يَجوزُ انتِزاعُ مِلكيَّةِ الوَقفِ إلَّا في حالاتٍ مُعيَّنةٍ وللضرورةِ أوِ الحاجةِ ذكَرَها الفُقهاءُ.

وقد نَصَّ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والحَنابلةُ على جَوازِ انتِزاعِ مِلكيةِ الوَقفِ للمَصلحةِ العامَّةِ؛ لِما ورَدَ عن الصَّحابةِ أنهُم لمَّا ضاقَ المَسجدُ الحَرامُ أخَذُوا أرضَينِ بكُرهٍ مِنْ أصحابِها بالقِيمةِ، وزادُوا في المَسجدِ الحَرامِ (١).

قالَ الإمامُ مالِكٌ في الدُّورِ التي كانَتْ حَولَ مَسجدِه وهي مُحبَّسةٌ إنها اشتُرِيتْ وزِيدَتْ فيهِ (٢).


(١) «تبيين الحقائق» (٣/ ٣٣١)، و «البحر الرائق» (٥/ ٢٧٦)، و «ابن عابدين» (٤/ ٣٧٩).
(٢) «الفواكه الدواني» (٢/ ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>