للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآخَرُ: لا يَكونُ رُجوعًا؛ لأنَّ المِلكَ ثابِتٌ للمَوهوبِ له يَقينًا، فلا يَزولُ إلا بالصَّريحِ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : ويُمكنُ أنْ يُبنى هذا على العَقدِ نَفسِه، فمَن أوجَبَ الإِيجابَ والقَبولَ فيه لم يَكتفِ ههنا إلا بلَفظٍ يَقتَضي زَوالَه، ومَن اكتَفى في العَقدِ بالمُعاطاةِ الدالةِ على الرِّضا به فههنا أَولى.

وإنْ نَوى الرُّجوعَ من غيرِ فِعلٍ ولا قَولٍ لم يَحصُلِ الرُّجوعُ وَجهًا واحِدًا؛ لأنَّه إثباتُ المِلكِ على مالٍ مَملوكٍ لغيرِه فلم يَحصُلْ بمُجردِ النِّيةِ كسائِرِ العُقودِ، وإنْ علَّقَ الرُّجوعَ بشَرطٍ فقالَ: «إذا جاءَ رأسُ الشَّهرِ فقد رجَعتُ في الهِبةِ» لم يَصحَّ؛ لأنَّ الفَسخَ للعَقدِ لا يَقفُ على شَرطٍ كما لا يَقفُ العَقدُ عليه (١).

الرُّجوعُ في الصَّدقةِ:

ذهَبَ جَماهيرُ أهلِ العِلمِ -بل حَكى بَعضُهم الإِجماعَ- على أنَّ الصَّدقةَ التي أُريدَ بها وَجهُ اللهِ لغيرِ الوَلدِ لا رُجوعَ فيها؛ لأنَّه قد كمُلَ فيها الثَّوابُ من اللهِ تَعالى.

قالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : وأجمَعوا على أنَّ الهِبةَ التي يُرادُ بها الصَّدقةُ -أي: وَجهُ اللهِ- لا يَجوزُ لأحدٍ الرُّجوعُ فيها (٢).


(١) «المغني» (٥/ ٣٩٣)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٨١)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٤١٣)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٤٠٩)، و «منار السبيل» (٢/ ٣٥٧).
(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ٢٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>