للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهَ؛ فهذا عِلْمٌ نُشِرَ لَكَ. فبَكَى، ثم قالَ: ليسَ هذا العِلمُ إلَيَّ، إنَّما هذا عِلمُ أحمدَ بنِ حَنبَلٍ. قالَ الرُّحَيبانيُّ: أقولُ: مَنْ كانَ على هذا المِنوالِ فلا مانِعَ مِنْ تَفويضِ المُوكِّلِ إليه سائِرَ الأعمالِ، ومَن لَم يَكُنْ كَذلك فليسَ له التَصرُّفُ بما هُنالِكَ، بَلْ يَقِفُ عندَ بَيانِ النَّوعِ والتَّقديرِ، كما لا يَخفَى ذلك على النَّاقِدِ البَصيرِ (١).

ثانيًا: الوَكالةُ الخاصَّةُ:

الوَكالةُ الخاصَّةُ هي: ما كانَ إيجابُ المُوكِّلِ فيها خاصًّا بتَصرُّفٍ مُعيَّنٍ، كَأنْ يُوكِّلَ إنسانٌ إنسانًا آخَرَ على أنْ يَبيعَ له أو يَشتَريَ له سِلعةً بعَينِها، ولا خِلافَ بينَ الفُقهاءِ على صِحَّةِ الوَكالةِ الخاصَّةِ، وعلى أنَّ الوَكيلَ لا يَتعَدَّى ما وُكِّلَ فيهِ؛ فإذا وُكِّلَ على الشِّراءِ خاصَّةً لا يَتعَدَّاه إلى البَيعِ؛ لأنَّ الوَكالةَ الخاصَّةَ لا يَتعَدَّى الوَكيلُ فيها لِغيرِ ما أُذِنَ له فيه، وهذا مَحَلُّ اتِّفاقٍ بينَ فُقهاءِ المَذاهبِ الأربعةِ (٢). إلَّا أنْ بعضَهمُ اشترَطَ بعضَ الشُّروطِ، وهي بَيانُ جِنْسِه وصِفَتِه، أو جِنْسِه ومَبلَغِ ثَمَنِه، فهُم في الجُملةِ اشترَطوا في المُوكَّلِ فيه أنْ يَكونَ مَعلومًا، إمَّا بالوَصفِ أو بالنَّوعِ أو بالعُرفِ، وألَّا تَكونَ الجَهالةُ كَبيرةً، والجَهالةُ اليَسيرةُ يُغتَفَرُ فيها، وهذا على تَفصيلٍ بينَ المَذاهبِ على النحوِ الآتي.


(١) «مطالب أولي النهى» (٣/ ٤٣٣، ٤٣٥)، و «المغني» (٥/ ٥٥)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٩٢)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٦٢، ٥٦٣)، و «منار السبيل» (٢/ ١٦٣).
(٢) «شرح فتح القدير» (٧/ ٤٢٦)، و «منح الجليل» (٦/ ٢٨٢)، و «الشرح الكبير» للرافعي (٥/ ٢١٢، ٢١٤)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٤٩٣، ٤٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>