للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حُكمُ شَركةِ العِنانِ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على جَوازِ شَركةِ العِنانِ إذا تَوافَرت شُروطُها الآتي ذِكرُها عندَ كلٍّ منهم؛ لأنَّها مُختلِفةٌ فيما بينَهم، وقد نقَل عَددٌ مِنَ العُلماءِ الإجماعَ على ذلك.

قال الإمامُ ابنُ المُنذِرِ : أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ الشَّركةَ الصَّحيحةَ: أنْ يُخرِجَ كلُّ واحِدٍ مِنَ الشَّريكَيْن مالًا، مِثلَ مالِ صاحِبِه، دَنانيرَ، أو دَراهِمَ، ثم يَخلِطا ذلك، حتى يَصيرَ مالًا واحِدًا لا يَتميَّزُ، على أنْ يَبيعا، ويَشتَريا ما رأيا مِنَ أنواعِ التِّجاراتِ، على أنَّ ما كان فيه مِنْ فَضلٍ ورِبحٍ فلَهما، وما كان مِنْ نُقصانٍ فعليهما؛ فإذا فعَلا ذلك صَحَّت الشَّركةُ (١).

قال ابنُ هُبَيرةَ : واتَّفَقوا على أنَّ شَركةَ العِنانِ جائِزةٌ (٢).

وقال الإمامُ الكاسانيُّ : فأمَّا العِنانُ فجائِزٌ بإجماعِ فُقهاءِ الأمصارِ، ولِتَعامُلِ الناسِ بذلك في كلِّ عَصرٍ مِنْ غَيرِ نَكيرٍ، وما رآه المُسلِمون حَسنًا فهو عندَ اللهِ حَسنٌ، ولِما رُويَ أنَّ أسامةَ بنَ شَريكٍ جاء إلى رَسولِ اللهِ فقال: أتَعرِفُني؟ فقال : «وكيف لا أعرِفُكَ وكنتَ شَريكي ونِعمَ الشَّريكُ لا تُداري، ولا تُماري»، وأدنى ما يُستدلُّ بفِعلِه الجَوازُ.

وكذا بُعِثَ رَسولُ اللهِ والناسُ يَتعامَلون بهذه الشَّركةِ،


(١) «الإجماع» (٥١٢)، و «الإشراف» (٦/ ١٧٢).
(٢) «الإفصاح» (١/ ٤٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>