اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو خالَعَ الزَّوجُ زَوجتَه وشرَطَ أنَّ لهُ الرَّجعةَ، هل يَصحُّ الشَّرطُ ويَكونُ لهُ الرَّجعةُ؟ أم يَبطلُ الشَّرطُ والخُلعُ صَحيحٌ ولا رَجعةَ لهُ؟ أم أنَّ العِوضَ يَبطلُ وتَثبتُ الرَّجعةُ ويَكونُ طلاقًا رجعيًّا؟
فذهَبَ الحنفيَّةُ والمالكيَّةُ في قَولٍ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلَّى أنَّ الزَّوجَ إذا خالَعَ زَوجتَه وشرَطَ أنَّ لهُ الرَّجعةَ فإنَّ الخُلعَ صَحيحٌ والشَّرطَ باطلٌ ولا رَجعةَ لهُ؛ لأنَّ الخُلعَ لا يَفسدُ بكونِ عِوضِه فاسِدًا، فلا يَفسدُ بالشَّرطِ الفاسدِ كالنِّكاحِ، ولأنه لَفظٌ يَقتضِي البَينونةَ، فإذا شرَطَ الرَّجعةَ معهُ بطَلَ الشَّرطُ كالطَّلاقِ الثَّلاثِ.
فعلى المَذهبِ عندَ الحَنابلةِ: يَستحقُّ المُسمَّى في الخُلعِ على الصَّحيحِ مِنْ المَذهبِ؛ لأنهما تَراضيَا بهِ عِوضًا فلم يَجبْ غيرُه كما لو خَلا عَنْ شرطِ الرَّجعةِ.
وقيلَ: يَلغُو المُسمَّى ويَجبُ مَهرُ مِثلِها، اختارَه القاضي؛ لأنه لم يَرضَ بهِ عوضًا حتَّى ضَمَّ إليهِ الشَّرطَ، فإذا سقَطَ الشَّرطُ وجَبَ ضَمُّ النُّقصانِ الَّذي نقَصَه مِنْ أجْلِه إليهِ، فيَصيرُ مَجهولًا فيَسقطُ ويَجبُ المسمَّى في العَقدِ (١).
(١) «المغني» (٧/ ٢٥١، ٢٥٢)، ويُنظَر: «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٣٨١، ٣٨٢)، رقم (١٢١١)، و «المبدع» (٧/ ٢٢٨)، و «الإنصاف» (٨/ ٣٩٦)، و «كشاف القناع» (٥/ ٢٤٧).